(مسألة): استُدِلَّ بهذا الحديث على جواز الدعاء في الصلاة بما اختاره المصلي من أمر الدنيا والآخرة.

قال ابن بطال رحمه الله تعالى: خالف في ذلك النخعي، وطاوس، وأبو حنيفة، فقالوا: لا يدعو في الصلاة إلا بما يوجد في القرآن.

قال الحافظ رحمه الله تعالى: كذا أطلق هو ومن تبعه عن أبي حنيفة، والمعروف في كتب الحنفية أنه لا يدعو في الصلاة إلا بما جاء في القرآن، أو ثبت في الحديث، وعبارة بعضهم: ما كان مأثورا، قال قائلهم: والمأثور أعمّ من أن يكون مرفوعا، أو غير مرفوع، لكن ظاهر حديث الباب يردّ عليهم، وكذا يردّ على قول ابن سيرين: لا يدعو في الصلاة إلا بأمر الآخرة.

واستثنى بعض الشافعية ما يقبح من أمر الدنيا، فإن أراد الفاحش من اللفظ، فمحتمل، وإلا فلا شك أن الدعاء بالأمور المحرّمة مطلقا لا يجوز. انتهى (?)

وقال الإمام أبو بكر ابن المنذر رحمه الله تعالى: قال الله جلّ ذكره: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم} الآية [غافر: 60] وثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أما الركوع، فعظموا فيه الربّ، وأما السجود، فاجتهدوا في الدعاء، فإنه قمن أن يستجاب لكم"، فقد ندب الله جل ذكره عباده إلى دعائه، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الساجد بالاجتهاد في الدعاء، ولم يخصّ دعاء دون دعاء، فللمرء أن يدعو الله في صلاته بما أحب، ما لم يكن معصية، وجاءت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دالّة على صحة هذا القول.

قال: وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا تشهد أحدكم، فليتعوذ من أربع، ثم ليدع ما بدا له" (?).

قال: وفي قوله: "ثم ليدع ما بدا له" إباحة للدعاء مما في القرآن، ومما ليس في القرآن، مما يخاطب به العبد ربه من أمر دينه ودنياه، غيرُ جائز حظر شيء من الدعاء بغير حجة.

وقال أيضا في موضح آخر: ندب الله جلّ ذكره إلى الدعاء في كتابه، وثبتت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه دعا في صلاته، وعلمهم الدعاء في الصلاة، وثبت عنه أنه قنت، فدعا لقوم، وعلى قوم بالدعاء، فالدعاء بالخير مباح في الصلاة بما أحب المرء من أمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015