أي هذا باب ذكر الحديث الدّالّ على الرخصة في ترك الذكر في السجود مطلقا، سواء ما تقدم ذكره، أو غيره.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أراد المصنف رحمه الله تعالى بهذا أن ما ورد من الأذكار في السجود ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الاستحباب لحديث الباب.
ووجه الاستدلال به أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر المسيء صلاته بالسجود، والطمأنينة فيه، حيث قال: "ويسجد، حتى يمكّن وجهه حتى تطمئن مفاصله، وتسترخي". . . ولم يأمره بالذكر، فدل على عدم وجوبه، إذ لو كان واجبا لعلمه إياه، لكونه في مقام الحاجة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز. والاستدلال واضح. وقد تقدم بيان هذا في بحث الركوخ مستوفًى -بحمد الله تعالى- والله تعالى أعلم بالصواب.
1136 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، أَبُو يَحْيَى بِمَكَّةَ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ يَحْيَى بْنِ خَلاَّدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ، وَنَحْنُ حَوْلَهُ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ، فَأَتَى الْقِبْلَةَ، فَصَلَّى، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَعَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَعَلَيْكَ، اذْهَبْ، فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَذَهَبَ، فَصَلَّى، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم،- يَرْمُقُ صَلاَتَهُ، وَلاَ يَدْرِي مَا يَعِيبُ مِنْهَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ، جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَعَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وَعَلَيْكَ، اذْهَبْ، فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"،. فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عِبْتَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّهَا لَمْ تَتِمَّ صَلاَةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَحْمَدَهُ، وَيُمَجِّدَهُ"، قَالَ هَمَّامٌ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "وَيَحْمَدَ اللَّهَ، وَيُمَجِّدَهُ، وَيُكَبِّرَهُ"، قَالَ: فَكِلاَهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ: "وَيَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ، وَيَرْكَعَ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، وَتَسْتَرْخِيَ، ثُمَّ يَقُولَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَسْتَوِيَ قَائِمًا، حَتَّى يُقِيمَ صُلْبَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرَ، وَيَسْجُدَ حَتَّى يُمَكِّنَ وَجْهَهُ"، وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "جَبْهَتَهُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، وَتَسْتَرْخِيَ، وَيُكَبِّرَ،