وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله: عبر تعالى بالصلاة هنا عن القراءة كما عبر بالقراءة عن الصلاة في قوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] لأن كل واحد منهما مرتبط بالآخر, لأن الصلاة تشتمل على قراءة، وركوع، وسجود، فهي من جملة أجزائها، فعبر بالجزء عن الجملة، وبالجملة عن الجزء على عادة العرب في المجاز، وهو كثير، ومنه الحديث الصحيح: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي" أي قراءة الفاتحة، كما تقدم. انتهى (?).

(فيسمع الشركون) بالثصب بـ"أن" مضمرة وجوبًا بعد الفاء المجاب بها طَلَبٌ مَحضٌ، وهو النهي في قوله: {وَلَا تَجْهَرْ}، كما قال

ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة":

وَبَعْدَ فَا جَوابِ نَفيٍ أو طَلَبْ ... مَحْضَينِ "أن"وَسَتْرهُ حَتْمٌ نَصَبْ

ومفعول "يسمع" محذوف، تقديره: قِرَاءَتَكَ (فيسبوا القرآن) عطف على "يسمع" فهو منصوب يحذف نون الرفع {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} الضمير للقراءة، أي لا تسر بقراءتك، يقال: خَفَتَ الصوتُ من بابي ضرب، وجلس: إذا سكن، ويعدى بالباء، فيقال. خَفَتَ الرجلُ بصوته: إذا لم يرفعه، وخافت بقراءته مُخافَتَةً: إذا لم يرفع صوته بها. أفاده في "المصباح"، و"المختار". وفي "السمين": والمخافتة: المسارّة بحيث لا يسمع الكلام، وضربته حتى خَفَتَ: أي لم يسمع له صوت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015