على أن القرآن بأسره منزل بلغة قريش فقط، إذ فيه كلمات، وحروف هي خلاف قريش، وقد قال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3]، ولم يقل: قرشيًا، وهذ يدل على أنه منزل بجميع لسان العرب، وليس لأحد أن يقول. إنه أراد قريشًا من العرب دون غيرها، كما أنه ليس له أن يقول: أراد لغة عدنان، دون قحطان، أو ربيعة، دون مضر، لأن اسم العرب يتناول جميع هذه القبائل تناولًا واحدًا.
وقال ابن عبد البر رحمه الله: قول من قال: إن القرآن نزل بلغة قريش معناه عندي في الأغلب، والله أعلم، لأن غير لغة قريش
موجودة في صحيح القراءات، من تحقيق الهمزات ونحوها، وقريش لا تهمز.
وقال ابن عطية: معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، أي فيه عبارة عن سبع قبائل، بلغة جملتها نزل القرآن، فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش، ومرة بعبارة هذيل، ومرة بغير ذلك، بحسب الأفصح والأوجز في اللفظ.
ألا ترى أن "فطر" معناه عند غير قريش: ابتدأ خلق الشيء، وعمله، فجاءت في القرآن، فلم تَتَّجهْ لابن عباس، حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موضع قوله تعالى: {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [فاطر:1].
وقال أيضًا: ما كنت أدري معنى قوله تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ