ومنه ما يكون بين الله ورسله لا يكلم به أحد من الأنبياء أحدًا من الناس، ولكن يكون سر غيب بين الله وبين رسله.
ومنه ما يتكلم به الأنبياء، ولا يكتمونه أحدا، ولا يؤمرون بكتمانه، ولكنهم يحدثون به الناس حديثًا، ويبينون لهم أن الله عز وجل أمرهم أن يبينوه للناس، ويبلغوهم إياه. ومن الوحي ما يرسل الله من يشاء من ملائكته، فيوحيه وحيًا في قلوب من يشاء من أنبيائه ورسله.
وقد بين في كتابه أنه كان يرسل جبريل إلى محمد عليهما الصلاة والسلام، فقال في كتابه: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} [البقرة: 97] الآية. وقال عز وجل: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192 - 195].
وروي عن مجاهد في قول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشورى: 51] قال: أن ينفث في نفسه {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] قال: موسى حين كلمه الله. {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} [الشورى: 51] قال: جبريل إلى محمد، وأشباهه من الرسل، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. انتهى كلام الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى ببعض تصرف (?).
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.