قال الحافظ السيوطي رحمه الله: قال المتكلمون: الملائكة أجسام علوية لطيفة، تتشكل أيَّ شكل أرادواه.
وقد سأل عبد الحق الصَّقَلِيُّ إمامَ الحرمين حين اجتمع به بمكة عن هذه، وكيف كان جبريل يجيء مرّة في صورة دحية، وجاء مرة في هيئة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، وصورته الأصلية له ستمائة جناح، وكل جناح منها يسد الأفق؟.
فقال. مِنْ قائل: إنه سبحانه يُفنيِ الرْائدَ من خلقه، ثم يعيده، ومن قائل: إن ذلك إنما هو تمثيل في عين الرائي، لا في جسم جبريل، وهو الذي يعطيه قوله. "يتمثل لي".
قال: وتحقيقه أن جبريل عمارة عن الحقيقة الملكية الخاصة، والملك لا يتغير بالصورة والقوالب، كما أن حقيقتنا لا تتغير بها، ألا ترى أن الجسم يتغير، ويفنى مع أن الأوواح لا تتغير, كما أنها في الجنة تركب على أجسام لطيفة نورانية ملكية، تنعكس الأبدان الآدمية الكثيفة هناك إلى عالم الكمال الجسماني على نحو الأجسام الملكية الآن، فحقيقة جبريل كانت معلومة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - مجعولة في أيّ قَالَب كان.
قلت (?): ولهذا وود في حديث مجيئه، وسؤاله عن الإيمان: "ما جاءني قط، إلا وأنا أعرفه، إلا أن يكون هذه المرة". انتهى المقصود من