فإن الرجل سأل ما يجزيه عن القرآن، فأجابه النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ذكر، فلو كان هناك شيء يجزيه غير هذا لدله عليه، فيعلم أنه لا يجزيه غير ما ذكر، ولا يجب عليه أيضًا أن يصلي وراء من يحسن القرآن؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ما كلفه بذلك.

وأما ما ذكر من التفاصيل في الأقوال المتقدمة، من مراعاة عدد الكلمات، والحروف بمقدار سبع آيات، فتكلف، ليس عليه دليل.

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الخامسة: في بيان اختلاف العلماء في قراءة القرآن بغير العربية:

ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز قراءة القرآن بغير لسان العرب، سواء أمكنته العربية، أو عجز عنها، وسواء كان في الصلاة،

أو غيرها، فإن أتى بترجمة في صلاة بدلًا عن القراءة لم تصح صلاته، سواء أحسن القراءة، أو لا.

قال النووي رحمه الله: هذا مذهبنا، وبه قال جماهير العلماء، منهم مالك، وأحمد، وداود.

وذهب أبو حنيفة إلى أنه تجوز الصلاة بغير العربية مطلقًا، وقال أبو يوسف، ومحمد: تجوز للعاجز، دون القادر.

واحتج لأبي حنيفة بقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، قال: والعجم لا يعقلون الإنذار إلا بترجمته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015