وقال الخطابي رحمه الله: وقد تكون القلة الإناءَ الصغير الذي تُقله الأيدي، ويتعاطى فيه الشراب، كالكيزَان ونحوها، وقد تكون القلة الجرة الكبيرة التي يقلها القوي من الرجال، إلا أن مخرج الخبر قد دل على أن المراد به ليس النوع الأول؛ لأنه إنما سُئل عن الماء الذي يكون بالفلاة عن الأرض في المصانع، والوهَاد، والغُدْران ونحوها، ومثل هذه المياه لا تُحمَل بالكوز والكوزين، في العرف والعادة، لأن أدنى النجس إذا أصابه نجسه فعلم أنه ليس معنى الحديث، وقد روي من رواية ابن جريج مرسلا "إذا كان الماء قلتين بقلال هجر"، وقال: وقلال هجر مشهووة الصَّنْعَة معلومة المقدار، لا تختلف كما لا تختلف المكاييل والصِّيعَان، والقرَب المنسوبة إلى البلدان المحدودة على مثال واحد، وهي أكبر ما يكون من القلال، وأشهرها لأن الحد لا يقع بالمجهول، ولذلك قيل قلتين على لفظ التثنية، ولو كان وراءها قلة في الكبر لأشكلت دلالته فلما ثناها دلَّ على أنه أكبر القلال، لأن التثنية لا بد لها من فائدة، وليست فائدتها إلا ما ذكرناه. اهـ. كلام الخطابي باختصار يسير.
(لم يَحمل الخَبَث) بفتحتين؛ أي النجس، كما وقع تفسيره بالنجس في الروايات الآخر، والمعنى لم يَقبَل النجاسةَ، بل يدفعها عن نفسه، ولو كان المعنى أنه يضعف عن حملها لم يكن لتقييد بالقلتين معنى، فإن ما دونها أولى بذلك، وقيل: معناه: لا يقبل حكم النجاسة. اهـ نيل.
مسائل تتعلق بحديث الباب
المسألة الأولى في درجته:
هذا الحديث صحيح، قال الحافظ أبو الفضل العراقي في أماليه: قد صحح هذا الحديث الجم الغفير من أئمة الحفاظ: الشافعي، وأبو عبيد، وأحمد، وإسحاق، ويحيى بن معين، وابن خزيمة، والطحاوي، وابن
حبان، والدارقطني، وابن منده، والحاكم، والخطابي، والبيهقي،