يتقدم بين يدي ربه في شيء، وكان يحب أن يكون أبو بكر الخليفة بعده، فلما لم ينزل عليه في ذلك وحي، ونعني لم يؤمر بذلك، أراهم موضع الاختيار، وموضع إرادته، فعرف المسلمون ذلك منه، فبايعوا أبا بكر بعده، فخير لهم في ذلك، ونفعهم الله به، وبارك لهم فيه، فقاتل أهل الردة حتى أقام الدين كما كان، وعَدَل في الرعية، وقسم بالسوية، وسار بسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى توفاه الله حميداً، رضي الله عنه.
قال ابن أبي مليكة رحمه الله في حديث: "مروا أبا بكر، فليصل بالناس": وأيّ خلافة أبين من هذا؟
قال أبو عمر رحمه الله: وقد جاءت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- آثار تدلّ على أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسره، ويعلم أن الخليفة أبو بكر -والله أعلم-:
منها: حديث حذيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر" (?).
ومنها: حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه: أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألته عن شيء، فأمرها أن ترجع، قالت: يا رسول الله، إن رجعت، فلم أجدك؟ -قال: كأنها تعني الموت- قال: "فأتِ أبا بكر" (?). قال الشافعي رحمه الله: وفي هذا دليل على خلافة أبي بكر رضي الله عنه.