قال الشوكاني رحمه الله: وعلى تسليم صحة هذا الاستدلال على التأخر لا يتم به المطلوب من النسخ. أما أوَّلاً، فقد عرفت أن حديث عائشة، وميمونة خارجان عن محل النزاع. وحديث أم سلمة أخص من المتنازع فيه؛ لأن الذي فيه مرور الصغيرة بين يديه -صلى الله عليه وسلم-. وحديث ابن عباس ليس فيه إلا مرور الأتان، فهو أخص من الدعوى.

وأما ثانياً فالخاص بهذه الأمور لا يصلح لنسخ ما اشتمل عليه زيادة عليها، لما تقرر من وجوب بناء الخاص على العام مطلقاً.

وأما ثالثاً فقد أمكن الجمع بما تقدم.

وأما رابعاً فيمكن الجمع أيضاً بأن يحمل حديث عائشة، وميمونة، وأم سلمة، على صلاة النفل، وهي يغتفر فيها ما لا يغتفر في الفرض، على أنه لم ينقل أنه اجتزأ بتلك الصلاة. أو يحمل على أن ذلك وقع في غير حالة الحيض، والحكم بقطع المرأة للصلاة إنما هو إذا كانت حائضاً، كما تقدم. وأيضاً قد عرفت أن وقوع ثوبه -صلى الله عليه وسلم- على ميمونة لا يستلزم أنها بين يديه، فضلاً عن أن يستلزم المرور، وكذلك اعتراض عائشة لا يستلزم المرور.

ويحمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما على أن صلاته -صلى الله عليه وسلم- كانت إلى سترة، ومع وجود السترة لا يضر مرور شيء من الأشياء المتقدمة، كما يدل على ذلك قوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015