أبي أويس، وهي أصح الروايات. وفي رواية للبخاري "جعل عموداً عن يساره، وعموداً عن يمينه". وفي رواية لمسلم "عمودين عن يساره، وعموداً عن يمينه".
وقال في "الفتح" عند قوله: "بين العمودين المقدمين" ما نصه: كذا في هذه الرواية، وفي رواية مالك التي تليها: "جعل عموداً عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه".
وليس بين الروايتين مخالفة، لكن قوله في رواية مالك: "وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة" مشكل؛ لأنه يشعر بكون ما عن يمينه أو يساره كان اثنين، ولهذا عقبه البخاري برواية إسماعيل التي قال فيها: "عمودين عن يمين". ويمكن الجمع بين الروايتين بأنه حيث ثُنِّيَ أشار إلى ما كان عليه البيت في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحيث أُفرِدَ أشار إلى ما صار إليه بعد ذلك، ويرشد إلى ذلك قوله: "وكان البيت يومئذ"؛ لأن فيه إشعاراً بأنه تغير عن هيئته الأولى.
وقال الكرماني: لفظ العمود جنس يحتمل الواحد والاثنين، فهو مجمل بينته رواية "عمودين". ويحتمل أن يقال: لم تكن الأعمدة الثلاثة على سمت واحد، بل اثنان على سمت، والثالث على غير سمتهما، ولفظ "المقدمين" في الحديث السابق مشعر به. والله أعلم.
قال الحافظ: ويؤيده أيضاً رواية مجاهد عن ابن عمر فإن فيها "بين الساريتين اللتين على يسار الداخل". وهو صريح في أنه كان هناك عمودان على اليسار، وأنه صلى بينهما، فيحتمل أنه كان ثَمَّ عمود آخر