عمار، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوم يوم الجمعة، فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد، يخطب، فجاء إليه رومي، فقال: ألا نصنع لك منبرا". الحديث، ولم يسمه، فيحتمل أن يكون المراد بالرومي تميم الداري؛ لأنه كان كثير السفر إلى أرض الروم. وقد عرفت مما تقدم سبب عمل المنبر.
وجزم ابن سعد بأن ذلك كان في السنة السابعة. وفيه نظر لذكر العباس، وتميم فيه، وكان قدوم العباس بعد الفتح في آخر سنة ثمان، وقدوم تميم سنة تسع. وجزم ابن النجار بأن عمله كان سنة ثمان. وفيه نظر أيضًا، لما ورد في حديث الإفك في "الصحيحين" عن عائشة، قالت: "فثار الحيان، الأوس والحزرج حتى كادوا أن يقتتلوا، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، فنزل، فخفضهم، حتى سكتوا". فإن حمل على التجوز في ذكر المنبر، وإلا فهو أصح مما مضى.
وحكى بعض أهل السير أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب على منبر من طين قبل أن يتخذ المنبر من خشب، ويعكر عليه أن في الأحاديث الصحيحة أنه كان يستند إلى الجذع إذا خطب.
ولم يزل المنبر على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله، وكان سبب ذلك ما حكاه الزبير بن بكار في أخبار المدينة بإسناده إلى حميد بن عبد الرحمن بن عوف، قال: بعث معاوية إلى مروان، وهو عامله على المدينة أن يحمل إليه