والعصر بنحو ما ذكره صدر الشريعة- ما لفظه: هذا ما قالوا، وأنت تعلم ما فيه من الاختلال، وتزويق المقال، فإن قولهم: النهي عن الأفعال الشرعية يقتضي صحتها في أنفسها، ينادي بأعلى نداء على جواز الصلاتين كلتيهما، وإن اعتبراهما حرمة بعارض التشبه بعبدة الشمس، فادعاء المعارضة بينهما باطل، وإن قُطِعَ النظر عن ذلك فلا وجه لعدم الجواز في الفجر، والجواز في العصر، فإن الوقت شرط لكلتيهما، فإذا غربت الشمس بأداء ركعة أو ركعتين لم يبق الوقت المشروط لصحة الباقي، فكيف يمكن لهم القول بأن الصلاة تامة، إذ ليس ذلك إلا قولًا بعدم اشتراط الوقت، فعلى هذا يلزم عليهم جواز صلاة من شرع في الصلاة، وثوبه نجس بقدر الدرهم، أو دونه، ثم بعد

أدائه ركعة وضع عليه رجل شيئًا نجسًا ليس ذلك إلا أداء الصلاة على الكيفية التي التزمها، أو من أخذ في الصلاة، وهو يدافعه الأخبثان، فلما قضى ركعة أو ركعتين، بال أو تغوط، أوَ لَيْسَ نظير ما قالوا؟ فإنه أدَّى صلاته بعد الحدث على نحو مما التزمه ... إلى آخر ما قال، وأطال في الرد عليهم.

قال صاحب "المرعاة": قلت. ويلزمهم أيضًا أن يقولوا بفساد صلاة العصر إذا شرع فيها في الجزء الصحيح الكامل، أي قبل الاصفرار، ومدها إلى أن غربت، مع أنها لا تكره عندهم فضلًا عن أن تفسد، وما اعتذروا عنه بعذر الخشوع والخضوع لا ينفع، كما أقر به صاحب "فيض الباري"، فإن الاحتراز عن المد إلى غروب الشمس ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015