لتصريح أبي مسعود بسماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا حاجة إلى ترديد الاحتمال، ومثله يقال في الرد على من ادعى الانقطاع بين ابن شهاب وبين عروة، وبين عروة وبشير بن أبي مسعود، حيث صرح كل منهما بالسماع. والله أعلم.
(يقول: نزل جبريل) عليه السلام، وقد بيَّن ابنُ إسحاق في المغازي أن ذلك كان صَبيحَةَ الليلة التي فرضت فيها الصلاة، وهي ليلة الإسراء، قال ابنُ إسحاقَ: حدثني عتبة بن مسلم، عن نافع بن جبير، وقال عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال نافع بن جبير، وغيره: لما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - من الليلة التي أسري به لم يَرُعْهُ إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس، ولذلك سميت الأولى، أي صلاة الظهر، فأمَرَ، فَصِيحَ بأصحابه "الصلاة جامعة" فاجتمعوا، فصلى به جبريل، وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس. فذكر الحديث.
وإنما دعاهم إلى الصلاة بقوله: "الصلاة جامعة" لأن الأذان لم يكن شرع حينئذ.
قال الحافظ رحمه الله: وفيه ردٌّ على من زعم أن بيان الأوقات إنما وقع بعد الهجرة، والحق أن ذلك وقع قبلها ببيان جبريل، وبعدها ببيان النبي - صلى الله عليه وسلم -. اهـ "فتح" جـ 2 ص7.
(فأمني) أي صار إمامي، يقال: أمَّهُ، وأمَّ بِهِ: صلى به إمَامًا، قاله في "المصباح".