فنزلت {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}. لكن الحديث ضعيف، لضعف الأشعث السَّمَّان، قال الترمذي: يضعف في الحديث، وشيخه عاصم بن عبيد الله أيضًا ضعيف، قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن معين: ضعيف لا يحتج به، وقال ابن حبان: منكر الحديث.
الثالث: أنها نزلت في النجاشي لَمَّا صلَّى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حين مات، أخرج ابن جرير رحمه الله بسنده عن قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أخًا لكم قد مات فَصَلُّوا عليه" قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم؟ قال: فنزلت {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آل عمران: 199] قال قتادة: فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل الله {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]. قال الحافظ ابن كثير: وهذا غريب والله أعلم. اهـ. تفسير ابن كثير جـ 1 ص 162.
قال الجامع: وهو مرسل أيضًا، فهو ضعيف. والله أعلم.
الرابع: أنها نزلت لما أنكرت اليهود تحويل القبلة إلى الكعبة بعد ما كانت إلى بيت المقدس، فقالوا: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] فَرَدَّ الله عليهم بقوله {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} يعني أن له أن يتعبد عباده بما شاء، فإن شاء وجههم إلى بيت المقدس، وإن شاء إلى الكعبة، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} [الأنبياء: 23]