أي هذا كتاب في ذكر الأحاديث الدالة على أحكام الصلاة.
وارتفاع "كتاب" على أنه خبر مبتدإ محذوف كما قدرناه، ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر، أي كتاب الصلاة هذا، ويجوز أن ينتصب على تقدير: خُذْ كتابَ الصلاة.
والكتابُ: يجوز أن يكون بمعنى المكتوب كالحساب بمعنى المحسوب، وهو في الأصل مصدر تقول: كَتَبَ يَكْتُبُ كَتْبًا وكتَابَةً وكتَابًا، ولفظ (ك ت ب) في جميع تصرفاته راجع إلى معنى الجمع والضم، ومنه الكتيبة، وهي الجيش، لاجتماع الفُرْسَان فيها، وكتبت القِرْبَةَ إذا خَرَزْتَهَا، وكتبتُ البَغْلَةَ: إذا جمعت بين شَفْرَيْهَا بحَلْقَةٍ أوْ سَيْرٍ، وكَتَّبْتُ الناقةَ تكتيبًا: إذا صررتها.
ولما فرغ من بيان الطهارة التي هي من شروط الصلاة شرع في بيان الصلاة التي هي المشروطة، فلذا أخرها عن الطهارات، لأن شرط الشيء يَسْبِقُهُ، وحكمه يعقبه.
والصلاة في اللغة: الدعاء، قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أي ادع لهم، وفي الحديث في إجابة الدعوة: "وإن كان صائمًا فليصل" أي فليدع لهم بالبركة.