لا أعلم فِي الدنيا فِي هَذَا الباب، فإن فِي الباب عدة أحاديث، لا تخفى عَلَى البخاريّ، وَقَدْ ساق الخليليّ فِي "الإرشاد" هذه القصة، عن غير الحاكم، وذكر فيها أن مسلما قَالَ للبخاري: أتعرف بهذا الإسناد فِي الدنيا حديثا غير هَذَا؟ فَقَالَ: لا، إلا أنه معلول، ثم ذكره عن موسى بن إسماعيل، عن وهيب، عن موسى بن عقبة، عن عون بن عبد الله قولَهُ، وهو موافق لما فِي "علوم الْحَدِيث"، فِي سند التعليل، لا فِي قوله: فِي هَذَا الباب، فهو موافق لرواية البيهقي فِي قوله: بهذا الإسناد، وكأن الحاكم وَهِم فِي هذه اللفظة، وهي قوله: فِي هَذَا الباب، وإنما هي بهذا الإسناد، وهو كما قَالَ؛ لأن هَذَا الإسناد، وهو ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن سهيل، لا يوجد إلا فِي هَذَا المتن، ولهذا قَالَ البخاريّ: لا أعلم لموسى سماعا منْ سهيل، يعني أنه إذا لم يكن معروفا بالأخذ عنه، وجاءت عنه رواية خالف راويها، وهو ابن جريج، منْ هو أكثر ملازمة لموسى بن عقبة منه، رُجّحت رواية الملازم، فهذا يوجبه تعليل البخاريّ.
وأما منْ صححه، فإنه لا يرى هَذَا الاختلاف علة قادحة، بل يُجَوّز أنه عند موسى بن عقبة عَلَى الوجهين. وَقَدْ سبق البخاريَّ إلى تعليل هذه الرواية أحمد بن حنبل، فذكر الدارقطنيّ فِي "العلل" عنه أنه قَالَ: حديث ابن جريج وَهَمٌ، والصحيح قول وهيب: عن سهيل، عن عون بن عبد الله، قَالَ الدارقطنيّ: والقول قول أحمد، وعلى ذلك جرى أبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، قَالَ ابن أبي حاتم فِي "العلل" سألت أبي وأبا زرعة عن هَذَا الْحَدِيث؟ فقالا: هَذَا خطأ، رواه وهيب، عن سهيل، عن عون بن عبد الله موقوفاً، وهذا أصح، قَالَ أبو حاتم: يحتمل أن يكون الوهم منْ ابن جريج، ويحتمل أن يكون منْ سهيل. انتهى.
قَالَ الحافظ: وَقَدْ وجدناه منْ رواية أربعة عن سهيل، غير موسى بن عقبة، ففي "الأفراد" للدارقطني، منْ طريق عاصم بن عمرو، وسليمان بن بلال، وفي "الذكر" لجعفر الفريابي، منْ طريق إسماعيل بن عياش، وفي "الدعاء" للطبراني منْ طريق محمد بن أبي حميد، أربعتهم عن سهيل، والراوي عن عاصم، وسليمان هو الواقدي، وهو ضعيف، وكذا محمد بن أبي حميد، وأما إسماعيل، فإن روايته عن غير الشاميين ضعيفة، وهذا منها، وَقَدْ قَالَ أبو حاتم: هذه الرواية ما أدري ما هي، ولا أعلم رُوي عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي شيء منْ طريق أبي هريرة، إلا منْ رواية موسى، عن سهيل. انتهى.
وَقَدْ أخرجه أبو داود فِي "السنن"، وابن حبّان فِي "صحيحه"، والطبراني فِي "الدعاء" منْ طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، مرفوعاً، وعن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال،