قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا أَصْحَابُ كَرْم) تقدّم البحث فِي النهي عن تسمية العنب كرمًا مستوفًى قبل ثلاثة أبواب (وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ تَحْرِيمَ الْخَمْر، فَمَاذَا نَصْنَعُ؟ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (تَتَّخِذُونَهُ زَبِيبًا، قُلْتُ: فَنَصْنَعُ بِالزَّبِيبِ مَاذَا؟ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (تُنْقِعُونَهُ) أي تخلطونه بالماء ليصير شرابًا، وهو منْ نقع ينقّع ثلاثيًا، منْ باب نفع، أو أنقع بالألف يُنقع رباعيًا، قَالَ فِي "اللسان": نقع الشيء فِي الماء وغيره يَنقَعه نقعًا، فهو نقيع، وأنقعه: نبذه، وأنقعت الدواء وغيره فِي الماء، فهو مُنقَعٌ، والنقيع، والنقُوعُ: شراب يتّخذ منْ زبيب يُنقع فِي الماء منْ غير طبخ. انتهى. (عَلَى غَدَائِكُمْ) بالفتح، والمدّ: الطعام الذي يؤكل أول النهار. قاله فِي "اللسان" (وَتَشْرَبُونَهُ عَلَى عَشَائِكُمْ) بالفتح، والمد أيضًا: الطعام الذي يؤكل عند العشاء بالكسر (وَتُنْقِعُونَهُ عَلَى عَشَائِكُمْ، وَتَشْرَبُونَهُ عَلَى غَدَائِكُم"، قُلْتُ: "أَفَلَا نُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَشْتَدَّ؟) أي أيجوز لنا تأخيره منْ هَذَا الوقت الذي ذكرته؟ (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لَا تَجعَلُوهُ فِي الْقُلَلِ) بضم القاف، وفتح اللام: هي الجرار الكبار، واحدتها قُلّة بضم القاف، وتشديد اللام، وهذا النهي محمول عَلَى ما قبل النسخ، فقد جاء بعد ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "انتبذوا فِي كلّ وعاء، غير أن لا تشربوا مسكرًا، والله تعالى أعلم. (وَاجْعَلُوهُ فِي الشِّنَانِ) بكسر الشين المعجمة: جمع شَنّ بفتحها، وتشديد النون: قَالَ الخطّابيّ فِي "المعالم" 5/ 278 - 279: الشنان: هي الأسقية منْ الأدم، وغيرها، واحدها شنّ، وأكثر ما يقال ذلك فِي الجلد الرقيق، أو البالي منْ الجلود. انتهى. وسبب النهي عن أن يُجعل فِي القُلَل هو ما سبق فِي النهي عن الدباء، والحنتم، ونحوهما، منْ الإسراع فِي الإسكار. والله تعالى أعلم. (فَإِنَّهُ إِنْ تَأَخَّرَ صَارَ خَلًّا) أي صار خمرًا، ثم تخلّل، والمراد التحذير عن أن يكون خمرًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث فيروز الديلميّ -رضي الله عنه- هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -55/ 5737 و5738 - وفي "الكبرى" 56/ 5244 و5245. وأخرجه (د) فِي "الأشربة" 3710 (أحمد) فِي "مسند الشاميين" 17576 (الدارميّ) فِي "الأشربة" 2016. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جواز شرب النبيذ الذي