"المسألة السادسة": احتج بعضهم بهذه الآية على أن الوضوء لا يجزئ إلا بعد دخول الوقت، والجمهور على جوازه وهو الراجح، وقد رد أبو محمد بن حزم في المحلى على هذا القول وعلى من قال بعدم إجزاء التيمم قبل الوقت بأبلغ رد. وحاصل ما قاله باختصار: واحتج من رأى أنه لا يجزئ إلا بعد دخول الوقت بقوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ..} الآية، قال ولا حجة لهم فيه بل هو حجة عليهم لأن الله تعالى لم يقل: إذا قمتم إلى صلاة فرض، ولا إذا دخل وقت فرض فقمتم إليها، بل قال: إذا قمتم إلى الصلاة، فعم ولم يخص، والصلاة تكون فرضا وتكون تطوعا بلا خلاف، وقد أجمع أهل الأرض قاطبة من المسلمين على أن صلاة التطوع لا تجزئ إلا بطهارة من وضوء أو تيمم أو غسلى ولا بد، فوجب بنص الآية ضرورة أن المرء إذا أراد صلاة فرض أو تطوع وقام إليها أن يتوضأ أو يغتسل إن كان جنبا أو يتيمم إن كان من أهل التيمم ثم يصلي فإن ذلك نص الآية بيقين، فإذا أتم المرء غسله أو وضوءه أو تيممه فقد طهر بلا شك، وإذ قد صحت طهارته فجائز له أن يجعل بين طهارته وبين الصلاة التي قام إليها مهلة من مشي أو حديث أو عمل؛ لأن الآية لم توجب اتصال الصلاة بالطهارة لا بنصها ولا بدليل فيها، وإذ جاز أن يكون بين طهارته وبين صلاته مهلة فجائز أن تمتد المهلة ما لم يمنع من تماديها قرآن أو سنة، وذلك يمتد إلى آخر أوقات الفرض، وأما في التطوع فما شاء فصح بنص الآية جواز التطهر بالغسل والوضوء والتيمم قبل دخول الوقت، وإنما وجب بنص الآية أن لا يكون شيء من ذلك: إلا بنية التطهر للصلاة فقط ولا مزيد.