قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "سفيان": هو الثورىّ. والحديث موقوف صحيح، وَقَدْ سبق القول فيه فِي الذي قبله.
وقوله: "رفعه الأعمش": يعني أن الأعمش خالف شعبة وسفيان فرفع الْحَدِيث، كما بيّن ذلك بقوله:
5548 - (أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ هُوَ الْخَمْرُ").
قَالَ الجَامع عفا الله تعالى عنه: "الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا": هو الطحّان الكوفيّ، ثقة [11] 8/ 410. و"عبيد الله": هو ابن موسى بن أبي المحْتار باذام الْعَبْسيّ الكوفيّ، ثقة يتشيّع [9] 72/ 1326. و"شيبان": هو ابن عبد الرحمن التيميّ مولاهم النحويّ، أبو معاية البصريّ، نزيل الكوفة، ثقة [7] 13/ 347.
وقوله: "هو الخمر": أي الكامل فِي كونه خمرًا, وليس المراد الحصر، بل المراد بيان تناول آية الخمر له، كما تتناول المتّخذ منْ أحد النوعين.
والحديث مرفوع صحيح؛ تفرد به المصنّف، كما سبق بيانه.
[فإن قلت]: خالف الأعمش فِي رفعه شعبة وسفيان، فيكون شاذًّا.
[قلت]: لم ينفرد به الأعمش، بل تابعه فِي رفعه قيس بن الربيع، فقد أخرجه الطبرانيّ فِي "المعجم الكبير" (1761) منْ طريق قيس بن الربيع، عن محارب بن دثار، عن جابر -رضي الله عنه-، مرفوعًا بلفظ: "البسر والتمر خمر" (?)، وقيس، وإن تُكُلّم فيه، إلا أنه يصلح للمتابعات، وأيضاً لا تنافي بين الرفع والوقف فِي مثل هَذَا؛ إذ يُجمع بأن المرفوع مرويّ جابر -رضي الله عنه-، والموقوف فتواه.
والحاصل أن الْحَدِيث مرفوعًا وموقوفاً صحيح. والله تعالى اعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...