رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه منْ أفراده. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخه، فبصريّ، ثم مصريّ، وعبد الرحمن، فبصريّ، والصحابيّ، فمدنيّ، ثم مصريّ، ثم طائفيّ. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو) بن العاص رضي الله تعالى عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ أَرْبَعٍ) أي أربع خصال (مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ) بالبناء للفاعل: أي كَانَ يتعوذ منْ علم لا ينفع صاحبه، فإن منْ العلم ما لا ينفع صاحبه، بل يصير حجة عليه. وذلك بأن لا يعمل به، ولا يعلّمه النَّاس، ولا يهذّب به الأخلاق، ولا الأقوال، ولا الأفعال، أو يكون علماً لا يُحتاج إليه، أو لم يرد إذن شرعي فِي تعلّمه. (وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ) بالبناء للفاعل أيضًا: أي كَانَ يتعوّذ منْ قلب لا يسكن، ولا يطمئنّ بذكر الله تعالى (وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ) بالبناء للمفعول: أي كَانَ يتعوذ منْ دعاء لا يُستجاب (وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ) أي كَانَ يتعوذ منْ نفس لا تقنع بما آتاها الله تعالى منْ الرزق، ولا تفتر عن جمع المال لما فيها منْ شدّة الحرص، أو منْ نفس تأكل كثيراً، قَالَ ابن الملك: أي حريصة عَلَى جمع المال، وتحصيل المناصب. وَقَالَ السنديّ: أي حريصة عَلَى الدنيا، لا تشبع منها، وأما الحرص عَلَى العلم، والخير، فمحمود مطلوب، قَالَ الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيح.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -2/ 5444 - وفي "الكبرى" 6/ 7874. وأخرجه (ت) فِي "الدعوات" 3482 (أحمد) فِي "مسند المكثرين" 6521 و6826. ولله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو استحباب الاستعاذة منْ قلب لا يخشع. (ومنها): استحباب الاستعاذة منْ هذه الأربع، قَالَ الطيبيّ رحمه الله تعالى: [اعلم]: أن فِي كلّ منْ القرائن الأربع ما يُشعر بأن وجوده مبنيّ عَلَى غايته، وأن الغرض منه تلك الغاية، وذلك أن تحصيل العلم إنما هو للانتفاع به، فإذا لم ينتفع به لم يخلص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015