هُنَّ صَدِيقٌ لِلَّذِي لَمْ يَشِبِ
والمعنى هنا أنه كَانَ عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ناس قليل، لكن إن ثبتت الرواية عَلَى الوجه الذي ذكره السنديّ، لزم اتّباعه، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
وقوله: "يتبع فاه الخ": بضم أوله منْ الإتباع: أي يجعل فاه تابعًا للجهتين فِي الحيعلتين. وفي نسخة: "يَتَتَبَّع".
والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم فِي "كتاب الأذان" 13/ 643 وَقَدْ استوفيت شرحه، وبيان مسائله هناك، فراجعه، تزدد علمًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: وقع فِي نسخة: "كتاب أدب القضاة" بإفراد "أدب". قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: هكذا فِي كثير منْ النسخ، ثم "كتاب الاستعاذة"، ثم "كتاب الأشربة"، وفي بعضها هاهنا: "كتاب الأشربة"، ثم "كتاب آداب القضاة"، ثم كتاب الاستعاذة". انتهى "شرح السنديّ" 8/ 221.
وتقدّم معنى الكتاب فِي "كتاب الصلاة"، وأما "الآداب": فجمع "أدب" بفتحتين، قَالَ الفيّوميّ رحمه الله تعالى: أَدَبْتُهُ أَدْبًا، منْ باب ضرب: علّمته رياضة النفس، ومحاسن الأخلاق. قَالَ أبو زيد الأنصاريّ: الأدب يقع عَلَى كلّ رياضة محمودة، يتخرّج بها الإنسان فِي فضيلة منْ الفضائل. وَقَالَ الأزهريّ نحوه، فالأدب اسمٌ لذلك، والجمع آداب، مثلُ سبب وأسباب، وأدّبته تأديبًا مبالغةٌ وتكثيرٌ، ومنه قيل: أدّبته تأديبًا: إذا عاقبته عَلَى إسائته؛ لأنه سبب يدعو إلى حقيقة الأدب. انتهى.
وَقَالَ فِي "الفتح": الأدب: استعمال ما يُحمد قولاً وفعلاً. وعبّر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق. وقيل: الوقوف مع المستحسنات. وقيل: هو تعظيم منْ فوقك، والرفق بمن دونك. وقيل: إنه مأخوذ منْ المأدبة، وهي الدعوة إلى الطعام، سُمّي بذلك؛ لأنه يُدعى إليه. قاله فِي "الفتح" 12/ 3. "كتاب الأدب".
و"القُضاة" بالضمّ: جمع قاض، منْ قضى بين الخصمين، وعليهما: إذا حكم.