لا يخفى ما فيها منْ التكلف والتعسف، وإنما الظاهر توهيم الزهريّ فِي ذلك، ولا استغراب فيه، فإن الغلط منْ طبيعة البشر، فقد سبق أن سعيد بن المسيب وغيره وهّموا ابن عبّاس -رضي الله عنهما- فِي قوله: "تزوج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ميمونة -رضي الله عنها-، وهو محرم"، وأين الزهريّ منْ ابن عبّاس -رضي الله عنهما-؟ فليُتأَمَّل. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أنس رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -81/ 5293 - وفي "الكبرى" 72/ 9544. وأخرجه (خ) فِي "اللباس" 5868 (م) فِي "اللباس" 2093 (د) فِي "الخاتم" 4221. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان طرح الخاتم، وترك لبسه. (ومنها): ما كَانَ عليه الصحابة -رضي الله عنهم- منْ المبادرة إلى الاقتداء بأفعاله -صلى الله عليه وسلم-، فمهما أقر عليه استمروا عليه، ومهما أنكره امتنعوه منه. (ومنها): أن فيه الردّ عَلَى منْ قَالَ منْ الأصوليين بأن أفعاله -صلى الله عليه وسلم- تنقسم إلى عادة، وعبادة، وأن قسم العادة ليس مما أُمر بالاقتداء به، فإن الصحابة -رضي الله عنهم- كانو يبادرون فِي الاقتداء به فِي أفعاله العاديّة، كما يبادرون فِي أفعاله العباديّة، وكان -صلى الله عليه وسلم- يقرّهم عَلَى ذلك، ولا ينكر فِي شيء منه إلا ما كَانَ خاصّاً به، ففيه إبطال هَذَا التقسيم الضيزى المذكور آنفاً، اللَّهم أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه، آمين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

5294 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَ جَعَلَ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَطَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ، وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، فَكَانَ يَخْتِمُ بِهِ، وَلاَ يَلْبَسُهُ).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة. و"أبو عوانة": هو الوضّاح بن عبد الله اليشكريّ الواسطيّ. و"أبو بشر": هو جعفر بن أبي وحشيّة/ إياس البصريّ، ثم الواسطيّ الثقة الثبت [5].

والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم فِي 53/ 5220 سنداً ومتناً، إلا أن قوله: "ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015