قَالَ فِي "الفتح": كذا أورده مختصرا، وَقَدْ تقدّم مطولا، مشروحا فِي "كتاب الحجّ"، وَقَدْ أخذ منْ التقييد بالمحرم، جواز لبس الثوب المزعفر للحلال، قَالَ ابن بطال: أجاز مالك، وجماعة لباس الثوب المزعفر للحلال، وقالوا: إنما وقع النهي عنه للمحرم خاصة، وحمله الشافعيّ، والكوفيون عَلَى المحرم، وغير المحرم، وحديث ابن عمر الآتي فِي "باب النعال السبتية" (?)، يدلّ عَلَى الجواز، فإن فيه: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ يصبغ بالصفرة، وأخرج الحاكم منْ حديث عبد الله بن جعفر، قَالَ: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعليه ثوبان مصبوغان بالزعفران، وفي سنده عبد الله بن مصعب الزبيري، وفيه ضعف، وأخرج الطبراني منْ حديث أم سلمة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، صبغ إزاره، ورداؤه بزعفران، وفيه روا مجهول.
ومن المستغرب قول ابن العربي: لم يرد فِي الثوب الأصفر حديث، وَقَدْ ورد فيه عدة أحاديث كما ترى. قَالَ المهلب: الصفرة أبهج الألوان إلى النفس، وَقَدْ أشار إلى ذلك ابن عبّاس، فِي قوله تعالى: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة: 69]. انتهى "فتح" 11/ 487 - 488.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه المانعون منْ لبس المزعفر هو الأرجح، وَقَدْ تقدّم تحقيقه فِي "كتاب الحجّ" برقم 43/ 2706 فراجعه تستفد.
والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم فِي "كتاب الحجّ" شرحه، وبيان مسائله بالرقم المذكور. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
5259 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ يُزَعْفِرَ الرَّجُلُ جِلْدَهُ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ": هو محمد بن عمر بن عليّ بن عطاء بن مقدم الْمُقَدَّميّ البصريّ، صدوقٌ، منْ صغار [10] منْ رجال الأربعة. و"زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ" أبو يحيى الذّرّاع البصريّ، وَقَدْ يُنسب إلى جدّه، صدوقٌ يُخطيء [7].
رَوَى عن عبد الملك بن عُمير، وعبد العزيز بن صهيب، وثابت البنانيّ، وفائد بن كيسان أبي العوّام الجزّار، وعاصم بن العجّاج الْجَحدريّ. وعنه عليّ بن المدينيّ،