منْ أن يَنقُش أحدٌ عَلَى نقشه، فإنه إذا نقش غيرُه مثله، اختلطت الخواتم، وارتفعت الخصوصيّة، وحصلت المفسدة العامّة، وَقَدْ بالغ أهل الشام، فمنعوا الخواتم لغير ذي سلطان، وَقَدْ أجمع العلماء عَلَى جواز التختّم بالورق عَلَى الجملة للرجال، قَالَ الخطّابيّ: وكره للنساء التختّم بالفضّة؛ لأنه منْ زيّ الرجال، فإن لم يجدن ذهبًا، فليُصفِّرنه بزعفران، أو شبهه. انتهى "المفهم" 5/ 410 - 411.

(فَلَبِسَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-) أي لبس ذلك الخاتم الذي اتّخذه، وفيه الإظهار فِي مقام الإضمار؛ للإيضاح، إذ الظاهر أن يقول: "فلبسه -صلى الله عليه وسلم-" بالضمير (فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيِمَ الذَّهَبِ) فيه ما كَانَ عليه الصحابة -رضي الله عنهم- منْ المبادرة إلى امتثال أمره، ونهيه -صلى الله عليه وسلم-، والاقتداء بأفعاله (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ) أي لكونه حلالاً (وَإِنِّي لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا) أي لأنه جاءه الوحي بالنهي عن لبسه، وهذا بداية التحريم (فَنَبَذَهُ) أي طرح ذلك الخاتم؛ لحرمة لبسه (فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ) أي اقتداء به -صلى الله عليه وسلم-.

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -43/ 5166 و53/ 5216 و5217 و5218 و5219 و5225 و5221 - وفي "الكبرى" 53/ 9466 و73/ 9545 و9546 و9547 و9548 و9549 و9550 و9551. وأخرجه (خ) فِي "اللباس" 5865 و5867 و5873 و5876 و"الأيمان والنذور" 6651 و"الاعتصام بالكتاب والسنّة" 7298 (م) فِي "اللباس" 2091 (د) فِي "الخاتم" 4227 (ت) فِي "اللباس" 1741 (ق) فِي "اللباس" 3645 (أحمد) فِي "مسند المكثرين" 4663 و4889 و5227 و5343 و5558 و5673 و5817 و5853 و5935 و5971 و6072 و6083 و6295 و6376 و6938. (الموطأ) 1743.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان النهي عن لبس خاتم الذهب. (ومنها): بيان ما كَانَ عليه الصحابة -رضي الله عنهم- منْ الحرص عَلَى متابعته -صلى الله عليه وسلم- فِي جميع ما يصدر منه، قولاً، أو فعلاً، أو نحوهما، إلا ما كَانَ خصوصيّةً له -صلى الله عليه وسلم-. (ومنها): أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015