أَنَّهُ رَأَى جَدَّهُ قَالَ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلاَبِ، فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ فِضَّةٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ يَتَّخِذَهُ مِنْ ذَهَبٍ).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "أبو الأشهب": هو جعفر بن حيّان السعديّ العُطارديّ، مشهورٌ بكنيته، ثقة [6] 17/ 795.
[تنبيه]: أبو الأشهب هنا هو العطارديّ، كما ذكرت ترجمته آنفاً، ولهم أبو الأشهب آخر، وهو جعفر بن الحارث الواسطيّ، قَالَ عنه فِي "التقريب": صدوقٌ كثير الخطإ [7].
وإنما نبّهت عليه؛ لأني رأيت "مختصر السنن للمنذريّ" 6/ 123، وتبعه فِي "عون المعبود" 11/ 198 أن المراد به فِي هَذَا الْحَدِيث الثاني، وترجم له، وهذا غلطٌ، فقد صرّح فِي "تحفة الأشراف" 7/ 291 بأنه العطارديّ، ومما يؤكّد كونه غلطًا أنه لا رواية للثاني فِي الكتب الستّة أصلاً، وإنما ذُكر فِي كتب الرجال للتمييز، كما نبّه عليه فِي "تهذيب التهذيب" 1/ 303 و"التقريب" 55، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
وقوله: "ابن كَرِب" -بفتح الكاف، وكسر الراء- كما هو فِي بعض نسخ "المجتبى"، وهو الصواب، كما فِي "تهذيب الكمال" 19/ 554 - 555، و"التقريب" ص 237، و"تهذيب التهذيب" 3/ 90، و"الإصابة" 6/ 411 ووقع فِي معظم نسخ "المجتبى"، وفي "الكبرى": "ابن كُريب" بياء مثنّاة تحتانيّة بعد الراء، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
وقوله: "قَالَ: وكان جدّه" القائل هو أبو الأشهب: أي كَانَ عرفجة جدّ عبد الرحمن ابن طَرَفَة. وكذا قوله: "قَالَ: حدّثني أنه رأى جدّه": أي قَالَ أبو الأشهب: حدّثني عبد الرحمن أنه رأى جدّه عرفجة.
وقوله: "قَالَ: أُصيب أنفه الخ": القائل هو عبد الرحمن: أي قَالَ عبد الرحمن: أصيب أنفه: أي أنف عرفجة، وظاهر هذه الرواية أنه مرسلٌ؛ لأن عبد الرحمن لم يحضر حين أُصيب جدّه بذلك، ولا أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- له بذلك، لكنّه يحمل عَلَى أنه أخبره جدّه بذلك، كما فِي الرواية الماضية، فإنها بلفظ: "عن جدّه عرفجة بن أسعد أنه أُصيب أنفه الخ"، فإنها ظاهرة فِي كونه أخذه منه، ويؤيد ذلك قوله: "رأى جدّه". والله تعالى أعلم.
[تنبيه مهمّ]: اختُلف فِي قول الراوي: "أنّ فلانًا قَالَ كذا"، هل هو متّصلٌ، أم لا؟:
قَالَ الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى فِي "شرح علل الترمذيّ" ص 22 - 225: فأما قول الراوي: أن فلانا قَالَ، فهل يُحمل عَلَى الاتّصال، أم لا؟، فهذا عَلَى قسمين: