والحاصل أن الْحَدِيث منْ رواية أبي شيخ، عن معاوية -رضي الله عنه- بدون واسطة بينهما صحيحة. والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه آخر]: يستفاد منْ صنيع المصنّف رحمه الله تعالى أن الاستثناء فِي قوله: "إلا مقطّعًا" فِي حقّ الرجال، لا فِي حقّ النِّساء، وهذا هو الراجح، وهو الذي مشى عليه شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى حيث قَالَ فِي "الفتاوى الكبرى" 2/ 356: وفي يسير الذهب فِي باب اللباس -أي بالنسبة للرجال- عن أحمد أقوال: (أحدها): الرخصة مطلقًا؛ لحديث معاوية -رضي الله عنه-: "نهى عن لبس الذهب إلا مقطّعًا"، ولعلّ هَذَا القول أقوى منْ غيره، وهو قول أبي بكر. (والثاني): الرخصة فِي السلاح فقط. (والثالث): فِي السيف خاصّة. وفيه وجه بتحريمه مطلقاً؛ لحديث أسماء "لا يباح منْ ذهب ولا خَرْبَصيصة" (?)، و"الْخَرْبَصِيصة": عين الجرادة، لكن هَذَا قد يُحمل عَلَى الذهب المفرد دون التابع. انتهى.

وَقَالَ قبل هَذَا فِي ص 353 منْ نفس الجزء الثاني منْ "الفتاوى": أُبيح للنساء لبس الذهب والحرير؛ لحاجتهنّ إلى التزيّن، وحرّم ذلك عَلَى الرجال، وأُبيح للرجال منْ ذلك اليسير، كالعلَم، ونحو ذلك، مما ثبت فِي السنّة. انتهى.

وَقَدْ سلك الآخرون مسلكًا آخر فِي تأويل الْحَدِيث، فقالوا: المستفاد منْ الْحَدِيث ما أُبيح للنساء منْ الذهب، والمراد بالمقطّع أن يُجعل قطعًا يسيرة، مثل القرط، والحلقة، والخاتم، وهذا هو الذي مال إليه الخطّابيّ فِي "معالم السنن"، والمنذريّ فِي "مختصر سنن أبي داود"، وابن الأثير فِي "جامع الأصول"، و"النهاية"، وابن الديبع فِي "تيسير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015