وَقَدْ عُلّل ذلك بأنه منْ باب التدليس عَلَى النِّساء، وبأنه سواد فِي الوجه، فيُكره لأنه تشبّه بسيما أهل النار. ثم ذكر حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المذكور قبل هَذَا، ثم قَالَ: غير أنه لم يُسمع أن أحدًا منْ العلماء قَالَ بتحريم ذلك.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد عرفت أن هَذَا غير صحيح، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
ثم ذكر القرطبيّ منْ كَانَ يصبغ بالسواد، كما تقدّم ذكرهم، ثم قَالَ: ولا أدري عذر هؤلاء عن حديث أبي قحافة ما هو؟، فأقلّ درجاته الكراهة، كما ذهب إليه مالك. انتهى "المفهم" 5/ 418 - 419.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تقدّم أنه يُعتذر لهم بأنه لم يبلغهم النهي. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث جابر -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -15/ 5078 و64/ 5244 - وفي "الكبرى" 20/ 9347 و9348. وأخرجه (م) فِي "اللباس" 2102 (د) فِي "الترجل" 4204 (ق) فِي "اللباس" 3624 (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" 13993 و14046 و14231. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان النهي عن الخضاب بالسواد، وهو ظاهر. (ومنها): أن فيه الأمر بتغيير الشيب، لكن يكون بغير السواد؛ لهذا الْحَدِيث. (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى: للخضاب فائدتان: [إحداهما]: تنظيف الشعر مما يتعلّق به منْ الغبار، والدخان. [والأخرى]: مخالفة أهل الكتاب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "خالفوا اليهود والنصارى، فإنهم لا يصبغون". انتهى "المفهم" 5/ 420. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
***