قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "والغنمة واحدة الخ" هَذَا غلط، فقد صرّح فِي "القاموس"، و"اللسان"، و"المصباح"، وغيرها منْ كتب اللغة أن الغنم لا واحد لها منْ لفظها، وإنما واحدها الشاة منْ غير لفظها، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
وَقَالَ السيوطيّ رحمه الله تعالى فِي "شرحه": قَالَ الزمخشريّ فِي "المفصّل": قد يُثنّى الجمع عَلَى تأويل الجماعتين، والفرقتين، ومنه هَذَا الْحَدِيث. انتهى.
(تَعِيرُ) بفتح أوله، منْ باب ضرب يضرب: أي تتردّد، وتذهب (فِي هَذِهِ مَرَّةً) إشارة إلى إحدى الغنمين، وأنث الضمير لأن الغنم اسم جنس مؤنّث، قَالَ الفيّوميّ: الغنم اسم جنس يُطلق عَلَى الضأن، والمعز، وَقَدْ تُجمع عَلَى أغنام، عَلَى معنى قُطَعَاناتٍ منْ الغنم، ولا واحد للغنم منْ لفظها، قاله ابن الأنباريّ. وَقَالَ الأزهريّ أيضًا: الغنم الشاء، الواحدة شاة، وتقول العرب: راح عَلَى فلان غنمان: أي قطِعان منْ الغنم، كلُّ قطيع منفردٌ بمَرْعًى وراعٍ. وَقَالَ الجوهريّ: الغنم اسم مؤنّثٌ، موضوع لجنس الشاء، يقع عَلَى الذكور والإناث، وعليهما، ويُصغّر، فتدخل الهاء، ويقال: غُنيمة؛ لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها منْ لفظها، إذا كانت لغير الآدميين، وصُغّرت، فالتأنيث لازم لها. انتهى.
(وَفِي هَذِهِ مَرَّةً) يعني أنها تارة تذهب إلى هذه الغنم، وأخرى إلى هذه الغنم (لاَ تَدْرِي أَيَّهَا تَتْبَعُ) بفتح أوله، وسكون ثانيه، مضارع تبع، وزان تعِب، ويحتمل أن يكون بتشديد الثانية، مضارع اتّبعت منْ باب الافتعال. وفي رواية أخرى لمسلم: "تكِرّ فِي هذه مرّةً، وفي هذه مرّة"، وهو بكسر الكاف: أي تعطِف عَلَى هذه مرّة، وعلى هذه مرّة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -31/ 5039 - وأخرجه (م) فِي "صفات المنافقين" 2784 (أحمد) فِي "مسند المكثرين" 4857 و5059 (الدارمي) فِي "المقدمة" 320. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
***