المستفتي أن يقول للعالم: أوضح لي الجواب، ونحو هذه العبارة. (ومنها): أنه يستحب للعالم إكرام أهل الفضل، والثناء عليهم، ومدحهم فِي وجوههم إذا لم يخف مفسدةً، منْ إعجاب، ونحوه، كما أكرم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء الوفد، وأثنى عليهم، ومدحهم. (ومنها): أن فيه دليلاً عَلَى أن الإيمان والإسلام شيء واحد؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- فسر الإسلام فيما مضى منْ حديث سؤال جبريل -عليه السلام-، بما فسّر به الإيمان هنا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...
أي باب ذكر الْحَدِيث الدالّ عَلَى أن شهود الجنائز شعبة منْ شعب الإيمان.
5034 - (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَّمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ -يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ بْنِ الأَزْرَقِ- عَنْ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا، وَاحْتِسَابًا، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ انْتَظَرَ حَتَّى يُوضَعَ فِي قَبْرِهِ، كَانَ لَهُ قِيَرَاطَانِ: أَحَدُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ، كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "عبد الرحمن بن محمد بن سلّام" -بتشديد اللام-: البغداديّ، ثم الطَّرْسُوسيّ، لا بأس به [11] منْ أفراد المصنّف، وأبي داود. و"إسحاق ابن يوسف الأزرق": هو الواسطيّ الثقة [9].
[تنبيه]: قوله: "ابن الأزرق" هكذا عند المصنّف، لكن المشهور أن الأزرق صفة لإسحاق، ففي "تهذيب التهذيب" جـ 1 ص 131 "إسحاق بن يوسف بن مرداس المخزومي الواسطي المعروف بالأزرق" انتهى. فهذا يدلّ عَلَى أن الأزرق صفة لإسحاق، فليُتَأَمَّل. و"عوف": هو ابن أبي جَمِيلة الأعرابيّ البصريّ، ثقة رُمي بالقدر، والتشيّع [6].
وقوله: "إيمانًا، واحتسابًا": منصوبان عَلَى الحال: أي مصدّقا بحقّيّته، وطالبًا الأجر منْ الله تعالى، لا رياء، ولا سمعةً، وهذا محلّ الترجمة، حيث جعل اتباع جنازة المسلم منْ الإيمان.
وقوله: "فصلّى عليه": أي جنازة المسلم، وإنما ذكّر الضمير باعتبار المضاف إليه، حيث اكتسب المضاف منه التذكير، كما أشار إليه فِي "الخلاصة" بقوله:
وَرُبَّمَا أَكْسَبَ ثَانٍ أَوّلاً ... تَأْنِيثًا إِنْ كَانَ لِحَذْفٍ مُوهلَا