انتهى إليه جاز أن يطلق عليه لفظ الحافظ، فقال: أقل ما يكون أن يكون الرجال الذين يعرفهم، ويعرف تراجمهم، وأحوالهم وبلدانهم أكثر من الذين لا يعرفهم، ليكون الحكم للغالب اهـ.
ودونه المُحَدث، ودون المحدث المُسندُ -بكسر النون- وفوق الكل أمير المؤمنين، إذ هو لقب لم يَظفَر به إلا الأفذاذ النوادر الذين هم أئمة هذا الشأن، كشعبة، والثوري، وأحمد، وإسحاق بن راهويه، والبخاري، والدارقطني، ومن المتأخرين كالحافظ ابن حجر، وأضرابهم، إلى هذا أشار الحافظ السيوطي رحمه الله في ألفية المصطلح، حيث قال:
وذَا الحَديث وَصَفُوا فاختَصَّا ... بحَافظ كَذا الخطيبُ نَصَّا
وهو الذي إليه في التَّصحيحِ ... يُرجعُ والتَّعْديل والتَّجْريحِ
أنْ يحفَظَ السُّنةَ ما صحَّ وَمَا ... يَدري الأسَانيدَ ومَا قَد وَهمَا
فيه الرواةُ زائدًا أو مُدرَجَا ... ومَا به الإعلالُ فيها نُهِجَا
يَدري اصطلاح القَوم والتَّمَيُّزَا ... بينَ مَراتب الرِّجال مَيَّزَا
في ثقة والضُّعْف والطِّبَاق ... كَذَا الخطيب حَدَّ للإطلاقِ
وصرَّحَ المزيُّ أنْ يكونَ مَا ... يَفُوتُه أقلَّ ممَّا عَلِمَا
ودونَهُ مُحدِّثٌ أنْ تُبْصرَه ... من ذاكَ يَحْوي جُمَلا مُسْتَكْثَرَه
ومَن على سَمَاعه المجرَّد ... مُقتصرٌ لا علمَ سمْ بالمُسْندِ
وبأمير المؤمنين لقَّبُوا ... أئمةَ الحَديث قدما نَسَبُوا
(الحُجة) -بالضم- هو في الأصل: الدليل، والبرهان، والجمع حُجَج، مثل غُرفة، وغُرَف، أي العالم الذي يجعل حجة وبرهانا في الحديث لطلاب الحديث.