بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الحادية عشرة): فِي اختلاف أهل العلم فِي دية الرِّجْلين:

قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: أجمع أهل العلم على أن فِي الرجلين الديةَ، وفي إحداهما نصفَها، رُوي ذلك عن عمر، وعلي رضي الله تعالى عنهما، وبه قَالَ قتادة، ومالك، وأهل المدينة، والثوري، وأهل العراق، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي؛ لهذا الْحَدِيث. قَالَ: وفي قدم الأعرج، ويد الأعسم الديةُ؛ لأن الْعَرَج لمعنًى فِي غير القدم، والعَسَم: الاعوجاج فِي الرسغ، وليس ذلك عيبًا فِي قدم، ولا كفّ، فلم يمنع ذلك كمال الدية فيهما. وَقَالَ بعضهم فِي كل منهما ثلث الدية، كاليد الشلاء، وهذا غير صحيح؛ لأن هذين لم تبطل منفعتهما، فلم تنقص ديتهما، بخلاف اليد الشلاء. انتهى "المغني" ببعض تصرّف، وهو تحقيق نفيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية عشرة): فِي اختلاف أهل العلم فِي دية المأمومة:

وهي كما تقدّم: الشجة التي تصل إلى جلدة الدماغ، وأرشها ثلث الدية، فِي قول عامة أهل العلم، إلا مكحولا، فإنه قَالَ: إن كانت عمدا ففيها ثلثا الدية، وإن كانت خطأ ففيها ثلثها. وحجة الجمهور قولُ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي كتاب عمرو بن حزم: "وفي المأمومة ثلث الدية"، وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك. ورُوي نحوه عن علي -رضي الله عنه-. قاله فِي "المغني" 12/ 164 - 165.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أنّ ما ذهب إليه الجمهور هو الحقّ؛ لحديث الباب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة عشرة): فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم الجائفة:

ذهب عامة أهل العلم، منهم أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل الْحَدِيث، وأصحاب الرأي: إلى أنه يجب فيها ثلت الدية، وخالف فِي ذلك مكحولٌ، فَقَالَ: إن كانت عمدًا، ففيها ثلثا الدية.

واحتجّ الجمهور بقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي كتاب عمرو بن حزم: "وفي الجائفة ثلث الدية"، وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك، ولأنها جراحة فيها مُقدّر، فلم يختلف أرشها بالعمد والخطإ، كالموضحة، ولا نعلم فِي جراح البدن الخالية عن قطع الأعضاء، وكسر العظام مُقدّرا غير الجائفة.

والجائفة: ما وصل إلى الجوف، منْ بطن، أو ظهر، أو صدر، أو ثغرة نحر، أو وَرِك، أو غيره، وذكر ابن عبد البرّ: أن مالكا، وأبا حنيفة، والشافعي، وعثمان الْبَتِّيّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015