العلم، بل عَلَى استحبابه، بل لا يبعد وجوبه عَلَى منْ خَشِي النسيان، ممن يتعين عليه تبليغ العلم. كما قاله فِي "الفتح" 1/ 276.
وَقَدْ أشار الحافظ السيوطيّ رحمه الله تعالى إلى ذلك فِي "ألفيّة الأثر"، فَقَالَ:
كِتَابَةُ الْحَدِيثِ فِيهِ اخْتُلِفَا ... ثُمَّ الْجَوَازُ بَعْدُ إِجْمَاعًا وَفَى
مُسْتَنَدُ الْمَنْعِ حَدِيثُ مُسْلِمِ ... "لَا تَكْتُبُوا عَنِّيَ" فَالْخُلْفُ نُمِي
فَبَعْضُهُمْ أَعَلَّهُ بِالْوَقْفِ ... وَآخَرُونَ عَلَّلُوا بِالْخَوْفِ
مِنِ اخْتِلَاطِ بِالْقُرَانِ فَانْتَسَخْ ... لأَمْنِهِ وَقِيلَ ذَا لِمَنْ نَسَخْ
الْكُلَّ فِي صَحِيفَةِ وَقِيلَ بَلْ ... وَقِيلَ بَلْ لآمِنٍ نِسْيَانَهُ لَا ذِي خَلَلْ
وَقَدْ قلت فِي "شافية الْغُلَل":
كِتَابَةُ الْحَدِيثِ فِيهِ اخْتُلِفَا ... كَرِهَهَا قَوْمٌ سَرَاةٌ حُنَفَا
فَمِنْهُمُ زَيْدٌ أَبُو هُرَيْرَةِ ... كَذَا ابْنُ مَسْعُودٍ وَحَبْرُ الأُمَّةِ
كَذَا أَبُو مُوسَى وَنَجْلُ عُمَرَا ... كَذَلِكَ الْخُدْرِيْ وَغَيْرُهُمْ جَرَى
وَجَوَّزَتْ طَائِفَةٌ كَعُمَرِ ... وَأَنَسٍ مَعَ ابْنِ عَمْرو جَابِرِ
كَذَا عَلِيٌّ وَابْنُهُ الْبَرُّ الْحَسَنْ ... وَابْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنْ
وَأَكثَرُ الصِّحَابِ أَيْضًا ذَهَبُوا ... وَأَكْثَرُ الأَتْبَاعِ نِعْمَ الْمَذْهَبُ
وَفِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ قَدْ جَوَّزَتْ ... لِلْحِفْظِ ثُمَّ الْمَحْوَ بَعْدُ أَلْزَمَتْ
أَمَّا دَلِيلُ مَنْ أَبَاحَ "فَاكْتُبُوا" ... أَمَّا لِعَكْسِهِ فَجَا "لَا تَكْتُبُوا"
وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ قِيلَ الإِذْنُ ... لِخَائِفِ النِّسْيَانِ نِعْمَ الأَمْنُ
وَقِيلَ نَهْيُهُ لِئَلَّا يِخْتَلِطْ ... مَعَ الْقُرَانِ ثُمَّ زَالَ إِذْ ضُبِطْ
وَقِيلَ نَهْيُهُ لِمَنْ كَتَبَ فِي ... صَحِيفَةٍ وَاحِدَةٍ فَلْتَعْرِفِ
وَبَعْضُهُمْ أَعَلَّهُ بِالْوَقْفِ ... وَمُسْلِمٌ رَاهُ رَفْعًا يَكْفِي
ثُمَّ أَتَى الإِجْمَاعُ بَعْدُ وَانْتَفَى ... الْخُلْفُ فَاكْتُبَنْ تَنَلْ خَيْرًا وَفَا
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي وجوب القصاص إذا قَتَلَ المسلمُ الكافرَ: