(ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ) رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: كَانَ قُرَيْظَةُ) بصيغة التصغير (وَالنَّضِيرُ) بفتح النون، بوزن أمير. وخبر "كَانَ" محذوف: أي فِي المدينة، أو بينهما فرقٌ فِي الشرف، ونحو ذلك. قاله السنديّ.
وَقَالَ ابن منظور: بنو قُريظة: حيّ منْ يهود خيبر، وهم والنضير قبيلتان منْ يهود خيبر، وَقَدْ دخلوا فِي العرب عَلَى نَسَبهم إلى هارون أخي موسى، عليهما السلام، منهم محمد بن كعب الْقُرَظيّ، قَالَ: فأما بنو قُريظة، فإنهم أُبيروا؛ لنقضهم العهد، ومُظاهرتهم المشركين عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أَمر بقتل مقاتلهم، وسَبْي ذراريهّم، واستفاءة أموالهم. وأما بنو النضير، فإنهم أُجْلُوا إلى الشام، وفيهم نزلت "سورة الحشر". انتهى (وَكَانَ النَّضِيرُ أَشْرَفَ مِنْ قُرَيْظَةَ، وَكَانَ) اسمها ضمير الشأن، وهو ما تفسّره الجملة التي بعده، وهي قوله: (إِذَا قَتَلَ) بالبناء للفاعل (رَجُلٌ مِنْ قُرَيْظَةَ رَجُلاً مِنَ النَّضِيرِ، قُتِلَ بِهِ) بالبناء للمفعول (وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ، رَجُلاً مِنْ قُرَيْظَةَ، أَدَّى) بفتح الهمزة، مبنيّا للفاعل: أي دفع لأولياء المقتول (مِائَةَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ) بفتح الواو، وسكون السين المهملة، وكسر الواو لغةٌ: وهو ستّون صاعًا (فَلَمَّا بُعِثَ) بالبناء للمفعول (النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ، رَجُلاً مِنْ قُرَيْظَةَ، فَقَالُوا) أي قالت قريظة (ادْفَعُوهُ إِلَيْنَا) أي القاتل (نَقْتُلْهُ) بالجزم عَلَى أنه جواب الأمر، ويجوز رفعه عَلَى الاستئناف (فَقَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-) أي قالت بنو قريظة لَمّا أبى النضير دفع القاتل إليهم، جريًا عَلَى العادة السالفة (فَأَتَوْهُ) أي أتوا النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ ليحكم بينهم فِي هذه القضيّة الجائرة (فَنَزَلَتْ: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42]) بكسر، فسكون: أي العدل، والمراد به هنا، ما بيّنه بقوله (وَالْقِسْطُ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ) أي قتل النفس بسبب قتلها النفس (ثُمَّ نَزَلَتْ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: 50]) أي الحكم الذي سبق بيانه آنفًا، منْ كون النضير يقتصّون منْ قريظة، ولا تقتصّ قريظة منهم، بل يدفعون لها وسق تمر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيح.