وقوله: "فتستحقون قاتلكم"، أو "صاحبكم": معناه: يثبت حقكم عَلَى منْ حلفتم عليه، وهل ذلك الحق قصاص، أو دية فيه الخلاف السابق بين العلماء.

[واعلم]: أنهم إنما يجوز لهم الحلف، إذا علموا، أو ظنوا ذلك، وإنما عَرَض عليهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اليمين، إن وُجد فيهم هَذَا الشرط، وليس المراد الإذن لهم فِي الحلف منْ غير ظن، ولهذا قالوا: كيف نحلف، ولم نشهد؟.

والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم تمام البحث فيه قريبًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

4715 - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ، أَتَيَا خَيْبَرَ فِي حَاجَةٍ لَهُمَا فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَجَاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، وَحُوَيِّصَةُ، وَمُحَيِّصَةُ، ابْنَا عَمِّهِ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي أَمْرِ أَخِيهِ -وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُمْ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْكُبْرَ لِيَبْدَأَ الأَكْبَرُ". فَتَكَلَّمَا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: وَذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا "يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ". فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ قَالَ: "فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمٌ كُفَّارٌ. فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ قِبَلِهِ. قَالَ سَهْلٌ: فَدَخَلْتُ مِرْبَدًا لَهُمْ فَرَكَضَتْنِي نَاقَةٌ مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "أحمد بن عَبْدَة": هو الضبيّ، أبو عبد الله البصريّ، ثقة، رُمي بالنصب [10] 3/ 3.

و"حمّاد": هو ابن زيد. والباقون سبقوا فِي الماضي.

وقوله: "كبر الْكُبْر" بضم، فسكون: منصوب بفعل مقدّر: أي قدّم الأكبر. وجملة قوله: "ليبدأ الأكبر" مؤكّد لما قبله.

وقوله: "فذكر كلمة الخ": الظاهر ضمير "ذكر" إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وقوله: "معناها": مبتدأ خبره "يقسم الخ" ولا يحتاج إلى رابط؛ لكونه بمعنى المبتدإ، كما قَالَ ابن مالك:

وَإِنْ تَكُنْ إِيَّاهُ مَعْنًى اكْتَفَى ... بِهَا كَنُطْقِي اللَّهُ حَسْبِي وَكَفَى

وقوله: "فدخلت مربدا لهم، فركضتني ناقة منْ تلك الإبل": "المربد": بكسر الميم، وفتح الباء: هو الموضع الذي تُجمَعُ فيه الإبل، وتُحبَسُ، والرَّبْدُ: الحبس، ومعنى ركضتني: رَفَسَتني، وأراد بهذا الكلام، أنه ضبط الْحَدِيث، وحفظه حفظًا بليغًا. قاله النوويّ.

والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم تمام البحث فيه قريبًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015