قتل، فتظلم منْ لا يظلمك، وتقتل منْ لا يقتلك، فإذا فعل ذلك، فقد وجب له العذاب الأليم. وَقَالَ مجاهد: {بِظُلْمٍ} يعمل فيه عملا سيئا، وهذا منْ خصوصية الحرم، أنه يعاقب البادي فيه الشرَّ، إذا كَانَ عازما عليه، وإن لم يوقعه، كما قَالَ ابن أبي حاتم، فِي "تفسيره": حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا شعبة، عن السُّدِّيِّ، أنه سمع مُرَّةَ، يحدث عن عبد الله -يعني ابن مسعود- فِي قوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} قَالَ: "لو أن رجلا أراد فيه بإلحاد بظلم، وهو بِعَدَنِ أَبْيَن، لأذاقه الله منْ العذاب الأليم"، قَالَ شعبة: هو رفعه لنا، وأنا لا أرفعه لكم، قَالَ يزيد: هو قد رفعه، ورواه أحمد، عن يزيد بن هارون به.
قَالَ الإِمام ابن كثير: هَذَا الإسناد صحيح، عَلَى شرط البخاريّ، ووقفه أشبه منْ رفعه، ولهذا صمم شعبة عَلَى وقفه، منْ كلام ابن مسعود، وكذلك رواه أسباط، وسفيان الثوري عن السدي، عن مُرَّة، عن ابن مسعود موقوفا. والله أعلم.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: لكن الظاهر أن الموقوف فِي مثل هَذَا له حكم الرفع؛ لأن ابن مسعود -رضي الله عنه- لا يروي الإسرائيليّات، وهذا مما لا مجال للرأي فيه. وَقَدْ ذُكِرَ أقولٌ أُخَر فِي معنى الآية، فراجع تفسير ابن كثير 3/ 225. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
...
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: أشار المصنّف رحمه الله تعالى بهذه الترجمة إلى القسامة فِي الإِسلام، كما أنه صرّح فِي الترجمة السابقة بالقسامة فِي الجاهليّة. والله تعالى أعلم بالصواب.
4709 - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، مِنَ الأَنْصَارِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ).