وَقَالَ السنديّ: "ولا تصبر يمينه" علي بناء المفعول، أو الفاعل، منْ صبر، كنصر، وضرب، معطوفٌ عَلَى "تُجيزَ"، وروي عَلَى صيغة النهي. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: لم أر فِي كتب اللغة ضبط صبر بمعنى حبس، كنصر، فالظاهر أنه خطأٌ، وإنما هو كضرب فقط، فتأمّل.
وَقَالَ فِي "الفتح": قولها: "ولا تُصبر يمينه" -بالمهملة، ثم الموحدة-: أصل الصبر الحبس والمنع، ومعناه فِي الأيمان: الإلزام، تقول: صبرته أي ألزمته أن يحلف بأعظم الأيمان حَتَّى لا يسعه أن لا يحلف، زاد فِي رواية البخاريّ: "حيث تُصبر الأيمان" ببناء الفعل للمفعول: أي لا تُلزمه أن يحلف فِي المكان الذي تُصبر فيه الأيمان، وهو بين الركن والمقام.
قَالَ ابن التين: ومن هنا استدلّ الشافعيّ عَلَى أنه لا يُحلّف بين الركن والمقام عَلَى أقلّ منْ عشرين دينارًا، نصاب الزكاة. قَالَ الحافظ: كذا قَالَ، ولا أدري كيف يستقيم هَذَا الاستدلال، ولم يذكر أحد منْ أصحاب الشافعيّ أن الشافعيّ استدلّ بهذه القصّة. انتهى.
(فَفَعَلَ) أي وافق أبو طالب عَلَى ما طلبت منه المرأة، منْ عدم تحليف ابنها (فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ) أي أتى أبا طالب رجل منْ قوم القاتل، قَالَ الحافظ: لم أقف عَلَى اسمه، ولا عَلَى اسم أحد منْ سائر الخمسين، إلا منْ تقدم، وزاد ابن الكلبي: "ثم حلفوا عند الركن أن خِداشا بريء منْ دم المقتول (فَقَالَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَرَدْتَ خَمْسِينَ رَجُلاً، أَنْ يَحْلِفُوا مَكَانَ مِائَةٍ مِنَ الإْبِلِ، يُصِيبُ كُلَّ رَجُلٍ) بالنصب عَلَى المفعولية (بَعِيرَانِ، فَهَذَانِ بَعِيرَانِ، فَاقْبَلْهُمَا عَنَّي، وَلَا) ناهية (تُصْبِرْ يَمِينِي) أي لا تُلزمني أن أَحْلِفَ معهم (حَيْثُ تُصْبَرُ الْأَيْمَانُ) تقدم أنه بين الركن والمقام (فَقَبِلَهُمَا) أي قبل أبو طالب البعيرين (وَجَاءَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلاً حَلَفُوا) وفي رواية البخاريّ: "فحلفوا" بالفاء، وهي أوضح (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) رضي الله تعالى عنهما (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) قَالَ ابن التين: كأن الذي أخبر ابن عباس بذلك جماعة، اطمأنت نفسه إلى صدقهم، حَتَّى وسعه أن يحلف عَلَى ذلك. قَالَ الحافظ: يعني أنه كَانَ حين القسامة لم يولد، ويحتمل أن يكون الذي أخبره بذلك هو النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو أمكن فِي دخول هَذَا الْحَدِيث فِي الصحيح. انتهى (مَا حَالَ الْحَوْلُ) أي منْ يوم حلفوا (وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ) وفي رواية أبي ذرّ عند البخاريّ: "وفي الثمانية" (وَالأَرْبَعِينَ عَيْنٌ تَطْرِفُ) -بكسر الراء-: أي تتحرك، زاد ابن الكلبي: "وصارت رباع الجميع لحويطب"، فبذلك كَانَ أكثر منْ بمكة رِبَاعا، وروى الفاكهي منْ طريق ابن أبي نَجِيح، عن أبيه، قَالَ: "حلف ناس عند البيت قَسامة، عَلَى باطل، ثم خرجوا، فنزلوا