وَقَالَ القرطبيّ: الشفعة فِي اللغة: هي الضمّ، والجمع، وفي عرف الشرع: أخذ الشريك الجزء الذي باعه شريكه منْ المشتري بما اشتراه به، وهي حقّ للشريك عَلَى المشتري، فيجب عليه أن يُشفِعَه، ولا يحلّ له الامتناع منْ ذلك. انتهى "المفهم" 4/ 523.
وَقَالَ فِي "المغني": الشفعة: هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه، المنتقلة عنه، منْ يد منْ انتقلت إليه، وهي ثابتة بالسنة، والإجماع:
أما السنة فما رُوي عن جابر رضي الله عنه، قَالَ: "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة، فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة"، متَّفقٌ عليه، ولمسلم قَالَ: "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بالشفعة فِي كل شرك لم يقسم، رَبْعَة، أو حائط، لا يحل له أن يبيع حَتَّى يستأذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باع ولم يستأذنه، فهو أحق به"، وللبخاري: "إنما جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشفعة، فيما لم يُقسَم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة".
وأما الإجماع، فَقَالَ ابن المنذر: أجمع أهل العلم عَلَى إثبات الشفعة، للشريك الذي لم يقاسم، فيما بيع منْ أرض، أو دار، أو حائط، والمعنى فِي ذلك أن أحد الشريكين، إذا أراد أن يبيع نصيبه، وتمكن منْ بيعه لشريكه، وتخليصه مما كَانَ بصدده، منْ توقع الخلاص والاستخلاص، فالذي يقتضيه حسن العشرة، أن يبيعه منه؛ ليصل إلى غرضه، منْ بيع نصيبه، وتخليصه شريكه منْ الضرر، فإذا لم يفعل ذلك، وباعه لأجنبي، سلط الشرع الشريك عَلَى صرف ذلك إلى نفسه، ولا نعلم أحدا خالف هَذَا، إلا الأصم، فإنه قَالَ: لا تثبت الشفعة؛ لأن فِي ذلك إضرارا بأرباب الأملاك، فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه، إذا ابتاعه لم يبتعه، ويتقاعد الشريك عن الشراء، فيستضر المالك، وهذا ليس بشيء؛ لمخالفته الآثار الثابتة، والإجماع المنعقد قبله، والجواب عما ذكره منْ وجهين:
[أحدهما]: أنا نشاهد الشركاء يبيعون، ولا يعدم منْ يشتري منهم، غير شركائهم، ولم يمنعهم استحقاقه الشفعة منْ الشراء.
[الثاني]: أنه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة أن يقاسم، فيسقط استحقاق الشفعة.
واشتقاق الشفعة: منْ الشفع، وهو الزوج، فإن الشفيع كَانَ نصيبه منفردا فِي ملكه، فبالشفعة يضم المبيع إلى ملكه، فيشفعه به. وقيل: اشتقاقها منْ الزيادة؛ لأن الشفيع يزيد المبيع فِي ملكه. انتهى "المغني" 7/ 435 - 436. والله تعالى أعلم بالصواب.
4704 - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ