وَقَالَ ذو الرُّمَّة فِي ذلك المعنى [منْ البسيط أيضًا]:
وَفْرَاءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوَارِزُهَا ... مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتهُ بَيْنَهَا الْكُتَبُ (?)
يصف قِربة يَسيل الماء منْ بين خرزها، وسميت الكتيبة كتيبة لانضمام بعضها إلى بعض، والمكاتب يضم بعض نجومه إلى بعض، والنجوم هنا الأوقات المختلفة؛ لأن العرب كانت لا تعرف الحساب، وإنما تعرف الأوقات بطلوع النجوم، كما قَالَ بعضهم [منْ الرجز]:
إِذَا سُهَيْلٌ أَوَّلَ اللَّيْلِ طَلَعْ ... فَابْنُ اللَّبُونِ الْحِقُّ وَالْحِقُّ جَذَعْ
فسميت الأوقات نجوما، والأصل فِي الكتابة: الكتابُ والسنة، والإجماع: أما الكتاب فقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} الآية [النور: 33]، وأما السنة: فما رَوَى سعيد، عن سفيان، عن الزهريّ، عن نبهان مولى أم سلمة، عن أم سلمة: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إذا كَانَ لإحداكن مكاتب، فملك ما يؤدي، فلتحتجب منه" (?)، ورَوَى سهل بن حُنيف -رضي الله عنه-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "منْ أعان غارما، أو غازيا، أو مكاتبا فِي كتابته، أظله الله يوم لا ظل إلا ظله" (?)، أخرجه أحمد فِي "مسنده" 3/ 487 والبيهقيّ فِي "السنن الكبرى" 10/ 320 فِي أحاديث كثيرة سواهما، وأجمعت الأمة عَلَى مشروعية الكتابة. انتهى "المغني" 14/ 441. والله تعالى أعلم بالصواب.
4657 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ، جَاءَتْ عَائِشَةَ، تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وَيَكُونَ وَلاَؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأَهْلِهَا، فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ، فَلْتَفْعَلْ، وَيَكُونَ لَنَا وَلاَؤُكِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ابْتَاعِي، وَأَعْتِقِي، فَإِنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا، لَيْسَتْ