جعل لتوثيق الدين طرقا: منها الكتاب، ومنها الرهن، ومنها الإشهاد، ولا خلاف بين علماء الأمصار، أن الرهن مشروع، بطريق الندب، لا بطريق الوجوب، فيُعلم منْ ذلك مثله فِي الإشهاد، وما زال النَّاس يتبايعون حضرا وسفرا، وبرا وبحرا، وسهلا وجبلا، منْ غير إشهاد، مع علم النَّاس بذلك، منْ غير نكير، ولو وجب الإشهاد، ما تركوا النكير عَلَى تاركه.
قَالَ القرطبيّ: هَذَا كله استدلال حسن، وأحسن منه ما جاء منْ صريح السنة، فِي ترك الإستشهاد، وهو ما خرّجه الدارقطنيّ (?)، عن طارق بن عبد الله المحاربي، قَالَ: أقبلنا فِي ركب منْ الرَّبَذَة، وجنوب الربذة، حَتَّى نزلنا قريبا منْ المدينة، ومعنا ظعينة لنا، فبينا نحن قعود، إذ أتانا رجل عليه ثوبان أبيضان، فسلم، فرددنا عليه، فَقَالَ منْ أين أقبل القوم؟ فقلنا: منْ الربذة، وجنوب الربذة، قَالَ: ومعنا جمل أحمر، فَقَالَ تبيعوني جملكم هَذَا؟ فقلنا: نعم، قَالَ بكم؟ قلنا بكذا وكذا صاعا منْ تمر، قَالَ: فما