يبيّن أن للحديث أصلاً محفوظًا عن ابن عمر، فإن عطاء الخراسانيّ ثقة مشهور، وحيوة كذلك، وأما إسحاق أبو عبد الرحمن، فشيخ روى عنه أئمة المصريين، مثل حيوة، والليث، ويحيى بن أيوب، وغيرهم.
وله طريق ثالث، رواه السريّ بن سهل، حدّثنا عبد الله بن رشيد، حدثنا عبد الرحمن بن محمد، عن ليث، عن عطاء، عن ابن عمر، قَالَ: لقد أتى علينا زمان، وما منّا رجلٌ يرى أنه أحقّ بديناره ودرهمه منْ أخيه المسلم، ولقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا ضنّ النَّاس بالدينار، والدرهم، وتبايعوا بالعِينة، وتركوا الجهاد، واتّبعوا أذناب البقر، أدخل الله عليهم ذُلّا لا ينزعه حَتَّى يتوبوا، ويرجعوا إلى دينهم"، وهذا يبيّن أن للحديث أصلاً، وأنه محفوظ.
[الدليل الثالث]: ما تقدّم منْ حديث أنس -رضي الله عنه-، أنه سئل عن العينة؟ فَقَالَ: "إن الله لا يُخدع، هَذَا مما حرّم الله ورسوله"، وتقدّم أن هَذَا اللفظ فِي حكم المرفوع.
[الدليل الرابع]: ما تقدّم منْ حديث ابن عباس، وقوله: "هَذَا مما حرّم الله ورسوله".
[الدليل الخامس]: ما رواه الإِمام أحمد، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن العالية، ورواه حرب منْ حديث إسرائيل، حدّثني أبو إسحاق، عن جدّته العالية يعني جدّة إسرائيل -فإنها امرأة أبي إسحاق، قالت: دخلت عَلَى عائشة فِي نسوة، فقالت: ما حاجتكنّ؟ فكان أول منْ سألها أم محبة (?)، فقالت: يا أم المؤمنين، هل تعرفين زيد بن أرقم؟ قالت: نعم، قالت: فإني بعته جارية لي بثمانمائة درهم إلى العطاء، وإنه أراد أن يبيعها، فابتعتها بستمائة درهم نقدًا، فأقبلت عليها، وهي غضبى، فقالت: بئسما شريت، وبئسما اشتريت، أبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله