قَالَ أحمد: إنما يقضيه إياها بالسعر، لم يختلفوا أنه يقضيه إياها بالسعر، إلا ما قَالَ أصحاب الرأي: إنه يقضيه مكانها ذهبا عَلَى التراضي؛ لأنه بيع فِي الحال، فجاز ما تراضيا عليه, إذا اختلف الجنس كما لو كَانَ العوض عرضا، ووجه الأول قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها"، وروي عن ابن عمر، أن بكر بن عبد الله الْمُزَنيّ، ومسروقا العجليّ، سألاه عن كَرِيّ لهما، له عليهما دراهم، وليس معهما إلا دنانير، فَقَالَ ابن عمر: أعطوه بسعر السوق، ولأن هَذَا جرى مجرى القضاء، فَقُيّد بالمثل، كما لو قضاه منْ الجنس، والتماثل هاهنا منْ حيث القيمة؛ لتعذر التماثل منْ حيث الصورة.
قيل لأبي عبد الله: فإن أهل السوق يتغابنون بينهم بالدانق فِي الدينار، وما أشبهه؟ فَقَالَ: إذا كَانَ مما يتغابن النَّاس به، فسهل فيه ما لم يكن حيلة، ويزاد شيئا كثيرا. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن قول منْ قَالَ بجواز اقتضاء أحد النقدين مكان الآخر بشرط أن يكون بسعر يومه، يدًا بيد هو الصواب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا. ونعم الوكيل.
...
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: وجه الاختلاف فيه واضح، حيث إن سماكًا رواه عن سعيد بن جبير، مرفوعًا، وخالفه أبو هاشم الرّمانيّ، فرواه عنه موقوفًا عَلَى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وخالفهما موسى بن نافع، فوقفه عَلَى سعيد. والله تعالى أعلم بالصواب.
4585 - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ، أَوِ الْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: "إِذَا بَايَعْتَ صَاحِبَكَ، فَلاَ تُفَارِقْهُ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ لَبْسٌ").