أخلافها، كما ذكر، إلا أنهم لما اجتمع لهم فِي الكلمة ثلاث راآت قُلبت أحداها ياء، كما قالوا: تظنّيت فِي تظنّنت، ومثله تقضى البازي فِي تقضّض، وتَصَدَّى فِي تصدّد، وكثير منْ أمثال ذلك، أبدلوا منْ أحد الأحرف المكرّرة ياء، كراهية لاجتماع الأمثال، قَالَ: وجائز أن تكون سُمّيت مصرّاة منْ الصَّرْيِ، وهو الجمع، كما سبق، وإليه ذهب الأكثر. انتهى "النهاية" 3/ 27.
وَقَالَ ابن قُدامة فِي "المغني" 6/ 215 - : التصرية: جمع اللبن فِي الضرع، يقال: صَرَّى الشاة، وصَرَى اللبن فِي ضرع الشاة، بالتشديد، والتخفيف، ويقال: صَرَى الماءَ فِي الحوض، وصَرَى الطعامَ فِي فيه، وصَرَى الماءَ فِي ظهره: إذا ترك الجماع، وأنشده أبو عبيد [منْ الرجز]:
رَأَتْ غُلَامًا قَدْ صَرَى فِي فِقْرَتِهْ ... مَاءَ الشَّبَابِ عُنْفُوَانَ شِرَّتِه
وماء صَرى، وصَرِ: إذا طال استنقاعه. قَالَ البخاريّ: أصل التصرية: حبس الماء، يقال: صَرَّيتُ الماءَ، ويقال للمصراة: الْمُحَفَّلة، وهو منْ الجمع ايضا، ومنه سُمّيت مجامع النَّاس محافل، والتصرية حرام، إذا أراد بذلك التدليس عَلَى المشتري؛ لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُصَرُّوا"، وقوله: "منْ غَشّنا فليس منا"، وروى ابن ماجه فِي "سننه"، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه قَالَ: "بيع المحفّلات خِلابة، ولا تحل الخلابة لمسلم"، ورواه ابن عبد البرّ: "ولا يحل خِلابة لمسلم". انتهى "المغني" 6/ 215 - 216. والله تعالى أعلم بالصواب.
4489 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "لاَ تَلَقُّوا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ، وَلاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ، وَالْغَنَمَ، مَنِ ابْتَاعَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهَا رَدَّهَا، وَمَعَهَا صَاعُ تَمْرٍ").
رجال هَذَا الإسناد: خمسة:
1 - (محمد بن منصور) الجوّاز المكيّ، ثقة [10] 20/ 21. منْ أفراد الصنف.
2 - (سفيان) بن عيينة الإِمام الحجة الثبت المكيّ [8] 1/ 1.
3 - (أبو الزناد) عبد الله بن ذكران المدنيّ، ثقة ثبت [5] 7/ 7.
4 - (الأعرج) عبد الرحمن بن هُرْمُز المدنيّ، ثقة ثبت [3] 7/ 7.
5 - (أبو هريرة) رضي الله تعالى عنه 1/ 1. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم