"الصحيح"؛ لأن راويها لم يُسَمَّ، وليست موصولة، لكن أخرجها ابن ماجه منْ رواية سلمة بن وَهْرَام، عن عكرمة، بنحو المرفوع، وفي آخره: "وأن رجلاً قام منْ الليل بعد النهي، إلى سقاء، فاختنثه، فخرجت عليه منه حية"، وهذا صريح فِي أن ذلك وقع بعد النهي، بخلاف ما تقدم منْ رواية بن أبي ذئب، فِي أن ذلك كَانَ سبب النهي، ويمكن الجمع، بأن يكون ذلك، وقع قبل النهي، فكان منْ أسباب النهي، ثم وقع أيضاً بعد النهي، تأكيدا. انتهى ما فِي "الفتح" 11/ 224. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -44/ 4450 - وفي "الكبرى" 45/ 4537. وأخرج (خ) جزء الشرب منْ فِي السقاء فقط فِي "الأشربة" 5629 وأخرجه (د) فِي "الأشربة" 3719 (ت) فِي "الأطعمة" 1825 (ق) فِي "الأشربة" 3421 (أحمد) فِي "مسند بني هاشم" 1990 و2162 و2666 و2944 و3132 (الدارمي) فِي "الأضاحي" 1975 و"الأشربة" 2117. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): إنه قد سبق الكلام فِي المجثّمة، والجلّالة قريباً، وبقي الكلام فِي الشرب منْ فِي السقاء، وبيان ما قاله أهل العلم فِي ذلك، ودونك ملخّص كلامهم:
قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: اتفقوا عَلَى أن النهي هنا للتنزيه، لا للتحريم، قَالَ الحافظ: كذا قَالَ، وفي نقل الاتفاق نظر؛ لما سأذكره، فقد نقل ابن التين وغيره، عن مالك أنه أجاز الشرب منْ أفواه القرب، وَقَالَ: لم يبلغني فيه نهي، وبالغ ابن بطال فِي ردّ هَذَا القول، واعتذر عنه ابن الْمُنَيِّر باحتمال أنه كَانَ لا يحمل النهي فيه عَلَى التحريم، كذا قَالَ، مع القتل عن مالك، أنه لم يبلغه فيه نهي، فالاعتذار عنه بهذا القول أولى، والحجة قائمة عَلَى منْ بلغه النهي، قَالَ النوويّ: ويؤيد كون هَذَا النهي للتنزيه أحاديث الرخصة فِي ذلك.
قَالَ الحافظ: لم أر فِي شيء منْ الأحاديث المرفوعة، ما يدل عَلَى الجواز، إلا منْ فعله -صلى الله عليه وسلم-، وأحاديث النهي كلها منْ قوله، فهي أرجح إذا نظرنا إلى علة النهي عن ذلك، فإن جميع ما ذكره العلماء فِي ذلك، يقتضي أنه مأمون منه -صلى الله عليه وسلم-، أما أولاً فلعصمته، ولطيب نكهته، وأما ثانيا فلرفقه فِي صب الماء، وبيان ذلك بسياق ما ورد فِي علة