التمرة (فلما فقدناها) أي بسبب نفادها (وجدنا فقدها) أي مؤثّرًا علينا.
وفي "صحيح البخاريّ" ج: 4 ص: 1585: "لما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثا قِبَلَ الساحل، وأمّر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاثمائة، فخرجنا، وكنا ببعض الطريق فَنِي الزادُ، فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش، فجُمع، فكان مِزودي تمر، فكان يَقُوتُنا كل يوم قليلا قليلا، حَتَّى فَنِي، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة، فقلت: ما تغني عنكم تمرة؟ فَقَالَ: لقد وجدنا فقدها حين فنيت ... ".
قَالَ فِي "الفتح" ج: 8 ص: 79: "المزود" -بكسر الميم، وسكون الزاى-: ما يُجعل فيه الزاد. وقوله: "فكان يقوتنا" بفتح أوله، والتخفيف، منْ الثلاثي، وبضمه والتشديد، منْ التقويت. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -35/ 4353 و4354 و4355 و4356 - وفي "الكبرى" فِي "كتاب ما قذفه البحر" -1/ 4863 و4864 و4865 و4866. وأخرجه (خ) فِي "الشركة" 2483 و"الجهاد" 2983 و"المغازي" 4360 و4361 و"الذبائح" 5494 (م) فِي "الصيد" 4974 و4975 و4976 و4977 و4978 و4979 (ت) فِي "صفة القيامة" 2475 (ق) فِي "الزهد" 4159. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم ميتة البحر، وهو الحلّ، وذلك لتصريحه فِي الْحَدِيث يكون البحر ألقى حوتا ميتا، فأكلوا منه، ثم أكل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منه بعدهم، وبهذا تتم الدلالة، وإلا فمجرد أكل الصحابة منه، وهم فِي حالة المجاعة، قد يقال أنه للاضطرار، ولاسيما وفيه قول أبي عبيدة "ميتة"، ثم قَالَ: "لا تأكلوه، ثم قَالَ: جيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي سبيل الله عزّ وجلّ، ونحن مضطرّون، كلوا باسم الله"، وحاصل قول أبي عبيدة: أنه بناه أوّلاً عَلَى عموم تحريم الميتة، ثم تذكر تخصيص المضطر بإباحة أكلها، إذا كَانَ غير باغ ولا عاد، وهم بهذه الصفة؛ لأنهم فِي سبيل الله، وفي طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وَقَدْ تبين منْ آخر الْحَدِيث، أن جهة كونها حلالا، ليست سبب الاضطرار، بل كونها منْ صيد البحر، ففي آخر الْحَدِيث أنهم لما