قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الاحتمال الذي أبداه الحافظ هو الذي يظهر لي، وحاصله أن الكلاب التي أذن فِي اقتنائها لا تدخل فِي حكم منع دخول الملائكة، ويؤيد ذلك أن منْ اقتناها لا يدخل فِي نقص القيراط، أو القيراطين، حيث استثناه الشارع منْ ذلك، فكذا هنا فيما يظهر. والله تعالى أعلم.
(وَلَا صُورَةٌ) بِالإفْرَادِ، وَكَذَا هو فِي مُعظَم الرِّوَايَات، كما قاله الحافظ، وفي رواية البخاريّ: "وَلَا تَصَاوِير" بالجمع. وَفَائِدَة إِعَادَة حَرْف النَّفْي، الاحْتِرَاز منْ تَوَهُّم الْقَصْر فِي عَدَم الدُّخُول، عَلَى اجْتِمَاع الصِّنْفَيْنِ، فَلَا يَمْتَنِع الدُّخُول مَعَ وُجُود أَحَدهمَا، فَلَمَّا أُعِيدَ حَرْف النَّفْي، صَارَ التَّقْدِير: وَلَا تَدخُل بَيْتًا فِيهِ صُورَة.
قَالَ أبو العبَّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: إنما لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه الصورة؛ لأن متّخذها قد تشبّه بالكفّار؛ لأنهم يتّخذون الصور فِي بيوتهم، ويُعظّمونها، فكَرِهَت الملائكة ذلك، فلم تدخل بيته؛ هَجْرًا له؛ لذلك. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي طلحة رضي الله تعالى عنه هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -11/ 4284 وفي "كتاب الزينة" -111/ 5349 و5350 و5351 و5352 - وفي "الكبرى" 12/ 4792 و"كتاب الزينة" -108/ 9763 و9764 و9765 و9766 و9767 و9768 و9770. وأخرجه (خ) فِي "بدء الخلق" 3226 و3322 و"المغازي" 4002 و"اللباس" 5949 و5958 (م) فِي "اللباس" 3929 و3930 و3931 و3932 و3933 (د) فِي "اللباس" 4153 و4155 (ت) فِي "الأدب" 1804 (ق) فِي "اللباس" 3649 (أحمد) فِي "أول مسند المدنيين" 15910 و 15918 و 15934 (الموطأ) فِي "الجامع" 1802. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْكَلْب، حَتَّى مَنَعَ الْمَلَائِكَة منْ دُخُول الْبَيْت، الَّذِي هُوَ فِيهِ:
فَقِيلَ: لِكَوْنَها نَجِسَة العَيْن، وَيَتَأَيَّد ذَلِكَ بمَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُق الْحَديث، عَن عَائِشَة عِند مُسْلِم: "فَأمَرَ بِنَضْحِ مَوضِع الْكَلْب".
وتعقب القرطبيّ هَذَا، فَقَالَ: هَذَا ليس بواضح، وإنما هو تقدير احتمال، يعارضه