(أحمد) فِي "مسند المكثرين" 4730 و5741 و5889 و6136 و6279 و6299 (الموطأ) فِي "الجامع" 1809 (الدارمي) فِي "الصيد" 2007. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهلِ العلم فِي قتل الكلاب:
قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: أَجْمَعَ العُلَمَاء عَلَى قَتْل الكَلْب، وَالكَلْب العَقُور، وَاخْتَلَفُوا فِي قَتْل مَا لَا ضَرَر فِيهِ، فَقَال إِمَام الحَرَمَينِ منْ أَصْحَابنَا: أَمَرَ النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أَوَّلاً بِقَتْلِهَا كُلّهَا، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ، وَنَهَى عَن قَتْلهَا، إِلَّا الأَسوَد الْبَهِيم، ثمَّ استَقَرَّ الشَّرْع عَلَى النَّهْي عَن قَتْل جَمِيع الكِلَاب، الَّتِي لَا ضَرَر فِيهَا، سَوَاء الأَسوَد وَغَيْره، وَيُسْتَدَلّ لِمَا ذَكَرَهُ بِحَدِيثِ ابن المُغَفَّل.
وَقَال القَاضِي عِيَاض: ذَهَبَ كثِير منْ الْعُلَمَاء إِلَى الأَخْذ بِالْحَدِيثِ فِي قَتْل الْكِلَاب، إلَّا مَا اسْتُثْنيَ منْ كَلْب الصَّيد وَغَيْره. قَالَ: وَهَذَا مَذْهَب مَالِك وَأصْحَابه. قَالَ: وَاخْتَلَفَ القَائِلُونَ بهَذَا، هَل كَلْب الصَّيْد وَنَحْوه، مَنْسُوخ منْ العُمُوم الأَوَّل فِي الْحُكْم بِقَتْلِ الْكِلَاب، وَأَنَّ الْقَتْل كَانَ عَامًّا فِي الْجَمِيع، أَمْ كَانَ مَخْصُوصًا بِمَا سِوَى ذَلِكَ؟ قَال: وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى جَوَاز اتِّخاذ جمِيعهَا، وَنَسْخ الأَمْر بقَتلِهَا، وَالنَّهْيِ عَنْ اقْتِنَائِهَا إِلَّا الأَسْوَد البَهِيم.
قَال الْقَاضِي: وَعِنْدِي أنَّ النَّهْي أوَّلاً كَانَ نهَيًا عَامًّا، عَن اقْتِنَاء جمَيعهَا، وَأَمَرَ بِقَتلِ جَميعهَا، ثُمَّ نَهَى عَن قَتلْهَا مَا سِوَى الأسْوَد، وَمَنَعَ الاقْتِنَاء فِي جَمِيعهَا، إِلَّا كَلْب صَيْد، أَو زَرْع، أَوْ مَاشِيَة.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ القَاضَي، هُوَ ظَاهِر الأَحَادِيث، وَيَكُون حَدِيث ابن الْمُغَفَّل مَخْصُوصًا بِمَا سِوَى الأَسْوَد؛ لِأَنَّه عَامّ، فَيَخُصّ مِنْهُ الأَسْوَد بالْحَدِيثِ الآخَر.
وَأمَّا اقتِنَاء الكِلَاب، فَمَذْهَبنَا أَنَّهُ يَحرُم اقْتِنَاء الْكَلْب بِغَيْرِ حَاجَة، وَيَجُوز اقْتِنَاؤُهُ لِلصَّيْدِ، وَلِلزَّرعِ، وَلِلْمَاشِيَةِ. وَهَلْ يَجُوز لِحِفْظِ الدُّور، وَالدُّرُوب وَنَحْوهَا؟ فِيْهِ وَجْهَانِ: أَحَدهمَا: لا يَجُوز، لِظَوَاهِر الأحَادِيث، فَإِنَّهَا مُصَرِّحَة بِالنَّهي إِلَّا لِزَرْع، أَوْ صَيْد، أَوْ مَاشِيَة، وَأَصَحّهَا يَجُوز قِيَاسًا عَلَى الثَّلَاثَة، عَمَلاً بالعِلَّةِ المَفهُوَمَة، منْ الأَحَادِيث، وَهِيَ الحَاجَة. وَهَلْ يَجُوز اقْتِنَاء الجَرْو، وَتَرْبِيَته لِلصَّيْد، أَوْ الزَّرْع، أَو المَاشِيَة؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا: أَصَحّهمَا جَوَازه. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى (?).
وَقَالَ الحافظ أبو عمر ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى اختلفت الآثار فِي قتل الكلاب، واختلف العلماء فِي ذلك أيضًا، فذهب جماعة منْ أهل العلم إلى الأمر بقتل الكلاب