(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، بيان حكم صيد الكلب الذي ليس بمعلّم، وهو التحريم، إلا إذا وُجد حيًّا، فذُكّي، فيجوز. (ومنها): جواز الصيد بالقوس. (ومنها): وجوب التسمية عَلَى الكلب، والقوس عند الإرسال والرمي. (ومنها): أن ما أدرك منْ الصيد حيًّا وجبت ذكاته، سواء كَانَ بالكلب، أم بالقوس، وإلا كَانَ ميتةً. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: جواب "إذا" محذوف لفهمه منْ الحديث: أي جاز أكله، وموضع الاستدلال منْ الحديث قوله: "فكل، وإن قتلن"، فقد أمر النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم بأكل ما قتله الكلب، وهذا مما لا خلاف فيه. والله تعالى أعلم بالصواب.
4269 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ، أَبُو صَالِحٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُرْسِلُ كِلاَبِي الْمُعَلَّمَةَ، فَيُمْسِكْنَ عَلَيَّ، فَآكُلُ؟ قَالَ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ الْمُعَلَّمَةَ، فَأَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، فَكُلْ"، قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَتَلْنَ"، قَالَ: "مَا لَمْ يَشْرَكْهُنَّ كَلْبٌ مِنْ سِوَاهُنَّ"، قُلْتُ: أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ فَيَخْزِقُ؟ قَالَ: "إِنْ خَزَقَ فَكُلْ، وَإِنْ أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلاَ تَأْكُلْ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "محمد بن زنبور، أبو صالح المكيّ": اسم زنبور جعفر، صدوق، له أوهام [10] 73/ 90 منْ أفراد المصنّف. و"فُضيل بن عياض": هو أبو عليّ التيميّ الزاهد المشهور، أصله منْ خُراسان، سكن مكة، ثقة عابد إمام [8] 21/ 388. والباقون تقدّموا قبل باب.
وقوله: "ما لم يشركهنّ" -بفتح الراء، مضارع شَرِكه فِي الأمر، منْ باب تعِب شَرِكًا، وشَرِكَةً، وزان كَلِم وكَلِمَة.
وقوله: "منْ سواهنّ" أي منْ غيرهنّ، يعني الكلاب التي لم تُعلَّم، أو لم يُسمّ عند إرسالها.