وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: الأحاديث المذكورة فِي هَذَا الكتاب فِي الاصطياد كلّها فيها إباحة الاصطياد، وَقَدْ أجمع المسلمون عليه، وتظاهرت عليه دلائل الكتاب، والسنّة، والإجماع. قَالَ القاضي عياض: هو مباح لمن اصطاد للاكتساب، والحاجة، والانتفاع به بالأكل، وثمنه. قَالَ: واختلفوا فيمن اصطاد للهو، ولكن قصد تذكيته، والانتفاع به، فكرهه مالكٌ، وأجازه الليث، وابن عبد الحكم. قَالَ: فإن فعله بغير نيّة التذكية، فهو حرام؛ لأنه فساد فِي الأرض، وإتلاف نفس عَبَثًا. انتهى (?).
وأما "الذبح" -بفتح، فسكون- فهو قطع الحلقوم منْ باطنٍ عبد النَّصِيل، وهو موضع الذبح منْ الحلق، والذّبْحُ مصدر ذبحتُ الشاةَ، يقال ذَبَحَه يَذبَحُهُ ذَبْحًا، فهو مذبوحٌ، وذَبِيحٌ، منْ قوم ذَبْحَى، وذَبَاحَى، وكذلك التيس، والكبش منْ كِبَاش ذَبْحَى، وذَبَحَى. والذبيحةُ: الشاة المذبوحة، وشاةٌ ذَبِيحة، وذَبيحٌ، منْ نِعَاج ذَبْحَى، وذَبَاحَى، وذَبَائح، وكذلك الناقة، قَالَ الأزهريّ: الذَّبِيحة: اسم لما يُذبَح منْ الحيوان، وأُنّث لأنه ذُهب به مذهب الأسماء، لا مذهب النعت، فإن قلت: شاة ذبيح، أو كبش ذبيح، أو نعجة ذبيحٌ لم تدخلِ فيه الهاء؛ لأن فعيلًا إذا كَانَ نعتًا فِي معنى مفعول يُذكّر، يقال: امرأةٌ قتيلٌ، وكَفٌّ خَضِيبٌ. وَقَالَ: أيضًا: الذبيح: المذبوح، والأنثى ذبيحة، وإنَّمّا جاءت بالهاء لغلبة الاسم عليها. والذِّبح -بكسر، فسكون-: اسم ما أُعدّ للذبح، وهو بمنزلة الذبيح، والمذبوح، كالطِّحْن بمعنى المطحون، والْقِطْف بمعنى المقطوف، قَالَ الله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)} [الصافات: 107]، أي بكبش يُذبح، وهو الكبش الذي فُدي به إسماعيل بن إبراهيم صلى الله عليهما، وعلى نبيّنا وسلم.
والذَّبْحُ أيضًا الشّقّ، وكلُّ ما شُق، فقد ذُبح، قَالَ منظور بن مرثد الأسديّ [منْ مشطور الرجز]:
يَا حَبَّذَا جَارِيَةٌ منْ عَكِّ ... تُعَقَّدُ الْمِرْطَ عَلَى مِدَكِّ
شِبْهِ كَثِيبِ الرَّمْلِ غِيْرِ رَكِّ ... كَأَنَّ بَيْنَ فَكِّهَا والْفَكِّ
فَأْرَةُ مِسْكٍ ذُبِحَتْ فِي سُكِّ
أي فُتقت. ذكر هَذَا كلّه فِي "لسان العرب" (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
...