قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الذُّباب جمعه فِي الكثرة ذِبّان، مثلُ غُرَاب وغِرْبَان، وفي القلّة أَذِبّة، الواحدة ذُبابة. قاله فِي "المصباح".
وَقَالَ فِي "الفتح": الذُّبَاب -بضَمِّ الْمُعْجَمَة، وَمُوَحَّدَتَيْنِ، وَتَخْفِيف- قَالَ أبُو هِلال الْعَسْكَرِيّ: الذُّبَاب واحِد، والجمع ذِبَّان، كِغِربان، والعَامَّة تقُول: ذُباب لِلْجَمْع، ولِلواحِدِ ذُبَابة بوزنِ قُرَادَة، وهُو خَطَأ، وكَذَا قَالَ أبُو حَاتِم السِّجِسْتانِيّ: إِنَّهُ خطأ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ: الذُّبَاب وَاحِدَه ذُبَابَة، ولا تَقُلْ ذِبَّانَة. وَنَقَل فِي "الْمُحْكَم" عَن أبِي عُبَيْدة، عَنْ خَلَف الأحْمَر، تَجْوِيز مَا زَعَمَ العَسْكَرِي أنَّهُ خَطَأ. وحَكَى سِيبَويْهِ فِي الْجَمْع ذُبٌّ قَالَ فِي "الفتح": وَقَرأته بِخَطِّ البُحْتُرِيِّ مَضْبُوطًا بِضَمِّ أوَّلَه والتَّشْدِيد.
قِيل: سُمِّي ذُبَابًا لِكَثْرَةِ حَرَكَته، واضْطِرابه، وَقَدْ أخْرَج أبُو يَعْلَى، عَن ابْن عُمر، مَرْفُوعًا: "عُمْرُ الذُّباب أرْبعُون لَيْلة، والذُّباب كُلّه فِي النَّار، إِلَّا النَّحْل"، وَسَنَده لا بَأْس بهِ. وأخْرجهُ ابن عَدِيّ دُون أوَّله، مِن وَجْه آخَر ضَعِيف. قَالَ الْجَاحِظ: كَوْنه فِي النَّار، لَيْسَ تَعذِيبًا لهُ، بَلْ لِيُعذَّب أهْل النَّار بِهِ. قَالَ الجوْهرِيّ: يُقال: إِنَّه لَيْس شَيْء منْ الطُّيُور، يَلَغُ إِلَّا الذُّبَاب. وَقَالَ أفْلاطُون: الذُّبَاب أَحْرَص الأشْيَاء، حَتَّى إِنَّه يُلْقِي نَفْسه فِي كُلّ شَيْء، ولوْ كَانَ فِيهِ هَلاكه. وَيَتولَّد منْ العُفُونة. ولا جَفْن لِلذُّبَابةِ، لِصِغَرِ حَدَقَتها، والْجَفْن يَصْقُل الْحَدَقَة، فَالذُّبَابة تَصْقُل بِيَدَيْهَا، فَلا تَزال تَمْسَحُ عَيْنيْهَا. ومِن عَجِيب أمْره أنَّ رَجِيعه، يَقَع عَلَى الثَّوْب الأسْود أبْيَض، وبالْعَكْس. وأكْثَر مَا يَظْهَر فِي أمَاكِن العُفُونَة، وَمَبْدَأ خَلْقه مِنْها، ثُمَّ مِنْ التَّوالُد. وَهُوَ مِنْ أَكْثر الطُّيُور سِفادًا، رُبَّمَا بَقِيَ عَامَّة اليَوم عَلَى الأُنْثَى. ويُحْكَى أَنَّ بَعْض الْخُلَفَاء، سَأَلَ الشَّافِعِيّ: لِأيِّ عِلَّة خُلِقَ الذُّبَاب؟ فَقَالَ: مَذَلَّةَ لِلمُلُوكِ. وكَانَتْ أَلَحَّتْ عَلَيْهِ ذُبَابَة، فَقَالَ الشَّافِعِيّ: سَألنِي وَلَمْ يكُن عِنْدِي جَوَاب، فَاسْتَنْبطْته منْ الهَيئة الْحَاصِلة. وَقَالَ أبُو مُحمَّد الْمَالِقِيّ: ذُباب النَّاس، يتولَّد مِن الزِّبْل. وإِن أُخِذ الذُّبَاب الْكَبِير، فقُطِعَتْ رَأْسها، وَحُكَّ بِجَسَدِها الشَّعْرَة الَّتِي فِي الجَفْن حكًّا شَدِيدًا أبْرَأتهُ، وكَذَا داء الثَّعْلب. وَإِنْ مُسِحَ لَسْعَةُ الزُّنْبُور بِالذُّبَاب، سَكَنَ الْوَجَع. انتهى ما فِي "الفتح" (?). والله تعالى أعلم بالصواب.
4264 - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ،